El-Ustaz Abdullah bn Foduye`s School, Methodology and Sources in Arabic Grammar

( الأستاذ عبد الله بن فودي: مذهبه ومنهجه ومصادره في النحو العربي )

Dr. Aliyu Malami

الدكتور علي مالمي

Associate Professor in Arabic Grammar, Department of Arabic Studies, Faculty of Arabic & Islamic Studies, Usmanu Danfodiyo University, Sokoto Nigeria

أستاذ مشارك في النحو العربي، قسم الدراسات العربية، كلية اللغة العربية والدراسات الإسلامية، جامعة عثمان بن فودي، صكتو نيجيريا

DOI: 10.55559/sjaes.v2i01.31 | Received: 19.01.2023 | Accepted: 25.02.2023 | Published: 03.03.2023

Abstract:

This research titled: "el-Ustaz Abdullah bn Foduye, His school, methodology and sources in Arabic Grammar" aims to discuss the biography of Abdullahi bn Foduye by giving historical background on his tribe, family and early life, it also highlights his contributions in Arabic grammar, by mentioning the books written by him in this field as well as the style followed by him in those writings. The research also pointed out the references he used in grammatical authoring system.

Keywords: Foduye, Methodology, Books, Grammar, Tribe, Biography

Electronic reference (Cite this article):

Malami, D. A. El-Ustaz Abdullah bn Foduye`s School, Methodology and Sources in Arabic Grammar. Sprin Journal of Arabic-English Studies, 2(01), 25–40. https://doi.org/10.55559/sjaes.v2i01.31

Copyright Notice:

© 2022 The Author(s). This is an open access article published by Sprin Publisher under the Creative Commons’ Attribution 4.0 International (CC BY 4.0) licence. https://creativecommons.org/licenses/by/4.0/

مستخلص:

هذه المقالة بعنوان: "الأستاذ عبد الله بن فودي: مذهبه ومنهجه ومصادره في النحو العربي" تهدف إلى الحديث عن نبذة تاريخية عن حياة الأستاذ عبد الله بن فودي، بالتركيز على نشأته العلمية، مع ذكر أصله وقبيلته وأسرته، كما سلط الضوء على إسهاماته في الدراسات النحوية وأشارت إلى الكتب التي ألفها في النحو العربي وكذلك المنهج الذي اتبعه في تأليفاته في هذا الفن، وهكذا أفادت بالمصادر التي اعتمد عليها في ذلك.

الكلمات المفتاحية: النحو، فودي، مصادر، منهج، سيرة

المقدمة:

الحمد لله الذي جعل العربية من أشهر اللغات، وشرفها بالإعراب الذي تتميز به المعاني المختلفات، والصلاة والسلام على صاحب اللسان المبين، محمد بن عبدالله القرشي الأمين، وعلى من ورثوا منه الفصاحة آلاً وأصحابًا ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد، يعدّ الأستاذ عبد الله بن فودي أحد الأفذاذ الذين فُطروا على حب تحصيل العلوم واكتسابها، ذلك بأنه كان منذ الصبا عَكوفًا على خدمة العلم أخذًا وعطاءً؛ فكانت حياته كلها ضحية لذلك حتى صار ممن يشار إليهم بالبنان في العلوم الشرعية واللغوية في القارة الإفريقية.

ولاعتقاده أن النحو هو العمود الفقري في فهم النصوص الشرعية، بما في ذلك القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف أقبل عليه بهمة متناهية، يتلقاه من علماء متخصصين، ومن كل ما حصل عليه من مصنفات حتى أصبح "يعدّ بلا منازع أكثر أهل زمانه إخلاصا ووفاءً وأمانةً لرعاية النحو العربي"،[1] فدرس فيه ما أهّله لأن يصبح شخصية معتدة في هذا المجال حيث ألف فيه- بمعناه العام- أربعة كتب، وهي: "البحر المحيط" و"لمع البرق فيما لذي تشابه من الفرق"، كليهما منظوم تناول فيه قضايا نحوية بحتة. ثم "الحصن الرصين" و"تلخيصه"- إذا صحت نسبته إليه-[2] وهما كذلك منظومتان، ولكنهما في الصرف، فلو لم يصنف الأستاذ في النحو إلا "البحر المحيط" لاستحق أن يتبوأ الصف الأول في خدمة هذا العلم وإقامة صرحه ودعم أركانه، وذلك لأنه كتاب يقع في أكثر من أربعة آلاف بيت، وهو مع ضخامته ملبٍّ لحاجات الدارسين، ومشبع لرغباتهم، يقول الأستاذ نفسه:

أبياته زادت على آلاف * أربعة لمقصد توافي.[3]

ونظرا إلى ما تقدم آثر الباحث أن يكتب مقالة تفض الغبار عن حقيقة المذهب النحوي الذي ينتمي إليه هذا الجهبذ الفريد ومنهجه في التأليف فيه وكذا المصادر التي استقى منها مادته النحوية.

والمقالة- بعد هذا التقديم- موزعة على المحاور الآتية:

- نبذة تاريخية عن الشخصية المدروسة.

- مذهبه النحوي.

- منهجه في التأليف النحوي.

- مصادره في النحو العربي.

- الخاتمة.

نبذة تاريخية عن الشخصية المدروسة:

هو أبو محمد عبد الله بن محمد الملقب بـ"فودي"[4] بن عثمان بن صالح بن هارون بن محمد الملقب بـ"غُردُ" بن جَبّ بن محمد سنبو بن أيوب بن ماسران بن بوب باب بن موسى جكل، وهو الذي وصل بقبيلته أهل تُور إلى هذه البلاد، وكان أصلهم من بلاد فُوت تور بسنغال، غرب إفريقيا.[5]

لم تتفق الروايات على تحديد زمان ولادة الأستاذ عبد الله بن فودي ومكانها، فللباحثين في ذلك حوالي ثلاثة أقوال، قيدها أ. د. عبد الباقي شعيب أغاك في مؤلفه المشهور[6]، فالأول منها يرجع زمانها إلى عهد السلطان باباري عام 1177هـ في شهر جمادى الثانية- 1700م، ويرده القول الثاني إلى سنة 1180 ه، بينما يميل القول الأخير إلى أنه ولد في سنة 1197هـ-1702م. أما المولد، فقيل إنه "مَغَمِ"، وأقره بعضهم بـ"مَرْنُونَ"، في حين يراه الآخرون في "طَغِلْ".[7]

ينتسب عبد الله إلى أسرة شهيرة متدينة ومعروفة بالحركة العلمية، وهي تنتمي إلى قبيلة فلاتية تعرف بـ"توردب"، وقد تضاربت الأقوال في أصل هذه القبيلة، فمن قائل إنهم من اليهود، وقائل إنهم من النصارى، وتميل طائفة إلى أنهم من أهل بنبر من السودان، فوافوا بجنب البحرين؛ النيل والفرات فاستوطنوا هناك، ويذهب فريق آخر إلى أن أصلهم طائفة من بني إسرائيل انتقلوا من طور سيناء فنزلوا بـ"تور" فسموا "توردب".

مذهبه النحوي:

إنه لمن الإنصاف الإشارة إلى أن الأستاذ عبد الله لم يصرح بالمذهب الذي ينتمي إليه في النحو، ولكن الذي يتتبع مصنفاته النحوية بدقة قد يدرك أنه إلى المذهب البصري أقرب منه إلى المذهب الكوفي، ولعل ما يأتي من الأدلة والبراهين يكفي شاهدًا على هذا القول:

1.أنه كثيرا ما إذا أتى لمسألة خلافية بين المذهبين، يرجح الرأي البصري على خصومه الكوفي، ويفهم هذا من تقديمه ذكر الأول على الثاني في أغلب الأحيان، ومن ذلك قوله:

قول ضمير مضمر بصري * لكوفة كنــاية مكني.[8]

ففي هذا البيت تقديم لرأي البصريين الذين يستعملون لفظ "ضمير" أو "مضمر"، بينما يؤثر الكوفيون "كناية" أو "مكني".

2.وقد يكتفي بذكر الرأي البصري دون التعرض للكوفي، كقوله عند حديثه عن المبنيات:

والمبني الحرف والماضي كذا * أمر لبصري خلفهم غذى.[9]

فالبصريون يقولون ببناء كل من الحرف والفعل الماضي وكذلك فعل الأمر على خلاف، بينما يذهب الكوفيون إلى بناء هذا الأخير قولا واحدا.

3.وأحيانا يسرد المسألة مجردة، أي: لا ينسبها لأي من المذهبين حتى يُخيّل إلى القارئ أنها مسألة اتفاقية، مع انفراد البصريين بها، ومن ذلك قوله:

والنصب من جر بـ"كي" قل أكثر * واجرر بها إذ حرفه لا يضمر.[10]

وقوله:

يكرر الجار لدى عطف على * ضمير جر إذ كجزئه انجلى.[11]

بين في البيت الأول أن الأداة "كي" تجر الأسماء كما تنصب المضارع، وإن كان النصب بها أكثر، وهذا ما مضى إليه البصريون، أما الكوفيون فيقررون بأن "كي" لا تكون إلا حرف نصب.[12]

وفي البيت الثاني يقرر بأنه يلزم إعادة الجار عند العطف على الضمير المجرور، كقولك: "مررت به وبزيد"، وهذا رأي بصري محض، لأن الكوفيين لا يوجبون إعادته.[13]

  1. 4. أنه يؤثر المصطلحات البصرية على المصطلحات الكوفية، ومن ذلك إيثاره مصطلح (ضمير) على (كناية) في مثل قوله:

قيل علامات ضمير مستكن * فيما سوى الأول ثم "نا" زُكن.[14]

وقوله:

ما فيه مضمر ومشتقًا حمل * ضميره حتمًا ظهوره حصل.[15]

ومنه استعماله "الجر" دون "الخفض"، كقوله:

والجر في المعمول إن كانا بـ"أل" * أجود من نصب ودع نصب المحل.[16]

وقوله:

للعمد الرفع وللفضـلات * نصـب لما بينهما يـواتي

جر وجزم وخلاف المازني * في قوله ذا فقد إعراب يني.[17]

وكذلك اختياره لفظ "تمييز" على "تفسير" أو "تبيين"، ومن ذلك قوله:

فحالنا يبين الهيـئات * تمييزنا مبين الـذوات.[18]

فكل من هذه الكلمات التي استعملها الأستاذ مصطلحات اختص بها النحو البصري دون الكوفي، وفي ذلك دلالة واضحة على ميله إلى المذهب البصري.

  1. 5. وتارة يورد الأستاذ ردود النحاة على بعض آراء الكوفيين، كما يلاحظ في البيت التالي:

ورد منع الكوفة الضمير ما * أتى بما واف بعهدي أنتما.[19]

فالأستاذ هنا يتحدث عن الجملة الاسمية التي يسدّ الفاعل فيها مسدّ الخبر، وذلك إذا كان المبتدأ وصفًا معتمدًا على نفي، أو استفهام، نحو: "أ قائم الزيدان"، فالكوفيون يرفضون ذلك إذا كان الفاعل ضميرًا، مثل: "أقائم أنتما"، ولكن النحاة ردوا عليهم بما ورد على هذا النمط من كلام العرب الفصحاء، كقول الشاعر:

خليلي ما واف بعهدي أنتما * إذا لم تكونا لي على من أقاطع.[20]

فمذهب الجمهور أن الوصف "واف" مبتدأ والضمير "أنتما" فاعل سادّ مسد خبره، فقول الكوفيين إن الضمير في البيت مبتدأ مؤخر، والوصف خبر مقدم لا يصح، لأنه يفضي إلى فوت التطابق بين المبتدأ وخبره، لأن الوصف مفرد والضمير البارز مثنى، أما جعل الضمير فاعلا فلا محظور فيه، إذ أن الفاعل يجب إفراد عامله على الراجح عند أهل الفن.[21]

تلك بعض الأدلة التي يمكن الاستناد إليها لتصنيف عبد الله بن فودي في رواد المذهب البصري.

منهجه في التأليف النحوي:

لقد وهب الله الأستاذ عبد الله بصيرة نفّاذة وإدراكًا فائقًا استطاع بهما، أن يدرس العصر والمجتمع الذي عاش فيه دراسة دقيقة مكنته من تفقه أحواله، ولاسيما الحالة العلمية، فلاحظ أن المنظومات تسهل الصعب وتقرب البعيد، ولذا آثر أن يتخذ النظم منهجه في التأليف النحوي حتى يلبي حاجات جماعته، فجاءت كل تصانيفه في هذا الفن على هذا النحو، مما جعل لها قبولاً ورواجًا لدى العلماء والدارسين مع ما تمتاز به من ضخامة وكثافة في معالجة المسائل.

فالأستاذ عبد الله- وإن كان مسبوقًا إلى هذا المنهج بمثل ألفية ابن المعطي، وابن مالك، والسيوطي- إلا أنه يعدّ من رواده ومطوريه، إذ أنه لحرصه الملح عليه، لم يصنف كتابًا منثورًا فيه، بل كان يعمد إلى منثور غيره فينظمه تسهيلاً وإعانةً على الحفاظ، ثم إنه لا يعتمد كليًّا على ما سرده صاحب الكتاب، فقد يستدرك عليه فيزيد ما لم يذكره إذا دعت الحاجة، أو ينقص ما لا فائدة له، ويتضح ذلك في كتابه المشهور (البحر المحيط)، فهو نظم لكتابين منثورين، للإمام السيوطي؛ وهما: (جمع الجوامع) وشرحه: (همع الهوامع)، وإلى ذلك يشير الأستاذ بقوله:

وأستعينـــه علـى نظــام * جمع الجوامع البليغ السامي

على جميــع كتـب العـربية * وشرحه الحائـز للمزيـه

همع الهـوامع الــروي المحيط * كـلاهما للعالم السيوطـي

وربما أنقـــص أو أزيـد * لعلـة وقيـل مـا يفيـد

وربما قدمت أو أخـــرت * لـمقتضى إلى مـا اختـرت

لقبه إذ حوى روي السيوطي * وغيـره ببحـره المحيــط.[22]

وفي بعض الأحيان لا ينظم الأستاذ المنثور كله، وإنما يختار جزءا منه لأهميته لدى الدارسين، وذلك مثل صنيعه في كتابه (لمع البرق)، فإنه نظم للفن الرابع من كتاب (الأشباه والنظائر) للإمام السيوطي، كما نبه بقوله:

وبعد فالمقصود نظم فاصل * مشتبه الأبواب والمسائل

في النحو نظم سيد الأكابر * في رابع الأشباه والنظائر

العالم العـلامة السيوطــي * وربنا لما نريد المعطي

سميت نظمي فيه لمع البــرق * فيما لذي تشابه من فرق.[23]

هذا من ناحية، ومن أخرى يمتاز منهج الأستاذ النحوي بسمات بارزة، جعلت الدارسين والباحثين يقبلون عليه بكل ثقة واطمئنان، ومن ذلك:

1- التزامه فيه بالأمانة العلمية، إذ كان يسند كل قول أو رأي إلى صاحبه، وقد يصرح باسمه، وخصوصا إذا انفرد بذلك الرأي، كقوله

في المبنيات:

بناه مع نون الإناث عـرفـا * وابـن درستويه فيه خالفـا

أقوالهم لما لتأكيد ســـرت * ثالثها الأصـح حيث باشرت

لا حرف تنفيس على المرضي * وابـن درستـويه مـن مبني

بناء كالهندات في نصب وما * لم ينصرف جرًّا لأخفش انتمى

قال به الـزجاج فـي المثنى * وفي الـذي يحكى بمن قد عنا.[24]

الملاحظ في الأبيات المتقدمة أن الأستاذ صرح بثلاثة أسماء مشهورة في الحقل النحوي، والسبب في ذلك يعود إلى انفراد أصحاب هذه الأسماء بآراء مخالفة لرأي الجمهور، فابن درستويه مثلاً، يذهب إلى أن المضارع المقرون بنون الإناث معرب، وإذا اتصل به أحد حروف التنفيس صار مبنيًّا، وهذا عكس ما عليه الجمهور، أما الأخفش فيرى أن جمع المؤنث السالم في حالة النصب، وما لا ينصرف في حالة الجرن كليهما مبني، بينما يقرر الجمهور إعرابهما في جميع الحالات، والزجاج يقول ببناء المثنى، في حين ذهب أكثر النحاة إلى القول بإعرابه.

2- ترجيح الرأي السديد وإن كان مخالفًا لإمام مشهور في هذه الصناعة، كسيبويه، ومن ذلك قوله:

ولا تضف لاسمية ما استقبلا * لسيبويه والجواز فُضّلا

قال أبو حيان جاز في "إذا" * إضافة لاسمية وما حذا.[25]

فالأستاذ يقرر بأن الراجح الأفضل جواز إضافة كل ما يدل على الاستقبال من الظروف الزمانية إلى الجملة الاسمية، فلك أن تقول: "آتيك إذا زيد حاضر"، ومنه قول الله تعالى: {t يوم هم بارزون...}،[26] وكان الإمام سيبويه يرى خلاف ذلك.[27]

مصادره النحوية:

لقد سبق أن الالتزام بالأمانة العلمية من المميزات التي اتسم بها منهج ابن فودي في تأليفه النحوي، فمن كانت هذه حاله هكذا لا يستبعد أن تكون مصادره غزيرة وذات أصالة، فالأستاذ عبد الله كان يكرس جهده في البحث عن المسائل النحوية من كل مظانها كتبًا ورجالاً كلما سمحت له الفرصة بذلك، فكانت النتيجة أن تجمعت في مؤلفاته كمية هائلة من مصنفات هذا الفن، وترددت فيها أسماء أئمته المشهورين بصرف النظر عن اختلاف آرائهم ومذاهبهم، وقد أفاد ببعض هذه المصادر في فاتحة منظومه (البحر المحيط) حيث يقول:

الحمــد لله على تسهيـل * فتح الأعادي المغني النبيل

مفصل الأنوار في الضمائر * وعالم الأشباه والنظائـر

والبسط في المطالع السعيـده * عمدتهم بالمنح الحميـده

فأعربوا البعض على التصريح * والبعض مبني على التلويح

نهجتهم من أوضح المسالك * خـلاصة ومنهج للسـالك

فــريدة للطالبين كافيـهْ * بشرحها بالارتشاف شافيهْ

إلى أن قال:

وأستعينه على نظـــام * جمع الجوامع البليغ السامي

على جميع كتب العربيهْ * وشرحها الحائز للمزيـهْ

همع الهوامع الروي المحيط * كـلاهما للعالم السيوطـي.[28]

فالعجب العجاب من أمر ابن فودي محاولته جعل مصادره براعة استهلال لكتابه، فذكر من هذه المصادر: "تسهيل الفوائد، والخلاصة، ومنهج السالك"، وكلها لابن مالك، و"مغني اللبيب، وأوضح المسالك شرح ألفية ابن مالك"، لابن هشام، و"المفصل" للزمخشري، و"الأشباه والنظائر، والمطالع السعيدة، والمنح الحميدة، والفريدة، وجمع الجوامع مع شرحه همع الهوامع"، جميعها للإمام السيوطي، ثم كتاب "البسط" للمكودي، و"العمدة" لأحمد باب، و"شرح التصريح على التوضيح" للشيخ خالد الأزهري، و"الشافية" لابن الحاجب، و"الارتشاف" لأبي حيان.

وهكذا أشار إلى مصدر آخر في قوله:

ولا تفيد، صاحب "البسيط" رد * هذا بأن ما بغالب ورد.[29]

وكتاب "البسيط" هذا لضياء الدين ابن العلج، علق عليه الأستاذ نفسه بقوله: "كتاب كبير نفيس في عدة مجلدات".[30]

هذا، وكثيرًا مَّا يستغني الأستاذ بذكر رجال مشهورين في هذه الصناعة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تتبعه كتب هؤلاء الرجال، ومن خلال ذلك تمكن من جمع آرائهم المختلفة، ومن ذلك ذكره الإمامين؛ الخليل بن أحمد الفراهيدي، وتلميذه سيبويه في غير ما موضع، كقوله:

وآية التعريف للخليل "أل" * فهزه قطع ثنائي كـ"هـل"

لسيبويه الـلام قط فوصــل * لـلابتداء وعليـه الجـل.[31]

وسيبويه والخليــل قَــدرا * على الحروف أخفش قبل يرى.[32]

فتصريحه بالخليل وسيبويه وآرائهما دليل واضح على اطلاعه على مصنفاتهما، ككتاب "الجمل" للأول، و "الكتاب" المشهور للثاني.

وذلك دأبه مع كثير من أئمة النحو العربي، كـ"الأخفش" الذي نطق باسمه لسان الأستاذ مرارًا، كقوله:

وخالف الأخفش في كـ"أحمرا * يصرف عن تسمية إن نُكّرا.[33]

وأخفــش حــروفها دلائل * واختلفوا فيما أراد الحاصل.[34]

وأكـد المصدر فعلاً لا همــا * للجل والأخفش جاز فيهما.[35]

وكذلك أبي زكريا، الفراء، الذي ورد ذكره في مثل:

كالكسر قبل الواو أو والياء * ومطلقًا يمنـع للفـراء.[36]

وصـرفها يجـوز للفـراء * إن نُكّرت كسائر الأسماء.[37]

وهذا ابن مالك وأبو حيان الأندلسي كلاهما لا يقل شأنًا عن سابقيه، إذ جاء ذكر الأول في مثل:

حدهما قال ابن مالك عسر * بل تيك غير ذي وأصلها حُصر.[38]

أو حسن ولابن مالك حُتِم * إن لم يكن تعيين عطفها عُلِم.[39]

وورد الثاني في مثل:

ثالثها دونهما بالقبح بص * وما وهمزًا قط أبو حيان خص.[40]

والحق ما قال أبو حيـان * للجزم لـما الفعـل بانا.[41]

وهناك عدد كبير من الأئمة النحاة الذين أوردهم الأستاذ ابن فودي في مؤلفاته، كالزجاج، وابن عصفور، والمازني، كثيرين سواهم، وذكره إياهم دلالة قاطعة على اطلاعه على معظم مصنفاتهم واستفادته منها.

وخالص الذكر، أنه من الصعوبة بمكان حصر مصادر الأستاذ عبد الله النحوية، وذلك لأنه لم يقصر جهده في كتب معينة، بل كان يتتبع آراء أئمة هذا الفن، ويضعها على مائدة النقاش والجدل، ويرجح ما كان قوي الأدلة والبراهين منها، فذلك الذي فرض عليه القراءة المكثفة، والمطالعة الواسعة في تصانيف هؤلاء الأئمة حتى يتسنى له إصدار الحكم العدل إبّان هذا النقاش.

الخاتمة:

هذه جولة قصيرة في رحاب نحو عبد الله بن فودي، تناول فيها الباحث الحديث عن شخصية هذا العبقري، مبينا نسبه وأسرته وما وقع من اختلافات في مولده زمانا ومكانا، وهكذا تحدثت المقالة عن المذهب الذي ينتمي إليه ابن فودي في النحو العربي والمنهج الذي سلكه تصانيفه النحوية، وأخيرا أشارت المقالة إلى بعض من المصادر التي اعتمد عبد الله في تلك التصانيف. ومما سبق يمكن استنتاج ما يلي:

- أن ثقافة الأستاذ عبد الله النحوية تأصلت منذ اللحظة الأولى من مراحله التعلمية، إذ أولاه من العناية ما لا يقل شأنا عن العلوم الضرورية الأخرى، وذلك لما أدرك دوره في فهم النصوص الشرعية واللغوية، فإذا هو شخصية بارزة في ساحة هذا الفن بما صنف فيه من كتب ضخمة مفيدة، وما طبقه من قضاياه المتنوعة.

- أن ذكاءه النادر هداه إلى أن يفطن المنهج الذي يتناسب مع أهل بيئته في التأليف، ولاسيما الذي تحتاج أغلب مسائله إلى الحفظ، لكونها قواعد مضبوطة، فأتت جميع مصنفاته منظومة مما جعل لها رواجًا لدى الذين وُضعت من أجلهم.

- أن صلته بمذهب البصريين أقوى من مذهب خصومهم الكوفيين، لذا تراه في أغلب الأحيان يشيد برأي أولئك ويرجحه على رأي هؤلاء، وليس بغريب فقد كان جل المتأخرين ممن عُنوا بهذه الصناعة منتسبين إلى هذا المذهب، لما لاحظوا فيه من الفصاحة وسلامة اللغة، ذلك بأن أهل البصرة كانوا يتحرون في الأخذ، فلا يأخذون إلا ممن صفت لغته وسلمت سليقته، ويراعون في الراوي: الصدق والضبط، ولا يعتدون بالشاهد المجهول القائل، بخلاف أهل الكوفة الذين تسرب إلى لغة شيء من الركاكة بسبب اختلاطهم بالأعاجم، كما أنهم لم يعتنوا بصدق الراوي ولا بضبطه، مما أدى إلى كثرة المصنوع في أغلب رواياتهم.

- الالتزام بالأمانة العلمية، إذ كان يسند كل قول أو رأي إلى صاحبه، وذلك إما بذكر اسمه أو بالإحالة إلى بعض كتبه.

- أنه استقى مواده النحوية من منابع عديدة متنوعة، بدرجة يصعب على الدارس حصر مصادره، لأنه لا يكاد يحصل على كتاب في هذا الفن إلا درسه وطالعه بدقة متناهية، حتى يستوعب مضامينه ويفهم المراد منها.

المصادر:

- القرآن الكريم.

- ابن الأنباري، أبو البركات عبد الرحمن: أسرار العربية، تحقيق: د. فخر صالح قدارة، الطبعة الأولى، 1995م، دار الجيل بيروت لبنان.

- ابن البخاري، جنيد، الوزير: تأنيس الأحباء بذكر أمراء غند مأوى الأصفياء، مخطوط بدار الوثائق صكتو، ref no amss 4\ 4\ 16

- ابن جني، أبو الفتح عثمان: الخصائص، تحقيق عبد الحكيم بن سعد، المكتبة التوفيقية بلا تاريخ.

- ابن هشام، أبو محمد عبد الله: مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، دار الطلائع، القاهرة، بلا تاريخ.

- ابن مالك، أبو عبد الله محمد: متن ألفية ابن مالك في النحووالصرف، مكتبة الصفا- القاهرة- ط1 1427هـ-2007م.

- ابن عقيل، عبد الله: شرح ألفية ابن مالك، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، مكتبة دار التراث، 1420هـ-1999م.

- ابن فودي، عبد الله، الأستاذ: تزيين الورقات ببعض ما لي منلأبيات، دار الكلم، جمهورية مصر العربية بلا تاريخ.

- " " " ": لمع البرق فيما لذي تشابه من الفرق، تحقيق د. أبوبكر الملك 1989م.

- " " " ": البحر المحيط نظم جمع الجوامع فيالنحو، طُبع ونُشر على نفقة الحاج عبد الله اليسار التجاني،1397هـ/1977م.

- " " " " : كتاب النسب، مخطوط بدار الوثائق صكتو، .ref no: amss 2\11\42

- " " " ": إيداع النسوخ من أخذت من الشيوخ، مخطوط بدار الوثائق صكتو، amss: 2\6\24 ref No

-" " " ": الحصن الرصين في علم التصريف، تحقيق: محمد صالح حسين، دار الفكر بيروت لبنان، بلا تاريخ.

-" " " ": ضياء التأويل في معاني التنزيل،1380هـ- 1961م، مطبعة الاستقامة، القاهرة.

- ابن فودي، عبد الله الأستاذ: كفاية ضعفاء السودان في تفسيرالقرآن، ط1 1410هـ/1989م.

- أغاك، عبد الباقي شعيب، البروفيسور: أساليب بلاغية في ديوان الأستاذ عبد الله بن فودي, مركز المضيف لخدمة الكمبيوتر، إلورن- ولاية كوارا- نيجيريا، ط2 1421هـ- 2000م.

- محي الدين، محمد عبد الحميد: منحة الجليل بتحقيق شرح ابن عقيل، مكتبة دار التراث، 1420هـ- 1999م.

- سيبويه: أبو البشر عمرو بن عثمان: الكتـاب، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار النشر: دار الجيل بيروت، لبنان.

 - السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن: همع الهوامع في جمع الجوامع، تحقيق أحمد شمس الدين،دار الكتب العلمية بيروت لبنان،ط1 1418هـ-1998م.

- السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن: الأشباه والنظائر في النحو، تحقيق غريد الشيخ، ط 2، 1428هـ- 2007م دار الكتب العلمية بيروت، لبنان.

-" " ": الاقتراح في علم أصول النحو وجدله، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد،1420هـ/1999م مكتبة الصفا، القاهرة.

1- أغاك، عبد الباقي شعيب: أساليب بلاغية في ديوان الأستاذ عبد الله بن فودي، ط1،

1429هـ- 2008م، دار الأمة لوكالة المطبوعات، كانو- نيجيريا، ص:70

[2] - - وممن نسبه إليه: د. أبوبكر عبد الملك، وذكر أنه فرغ من تأليفه عام 236هـ/1811م. راجع: تحقيقه لـ"لمع البرق فيما لذي تشابه من الفرق" ص :48

[3] - ابن فودي: البحر المحيط، طبع على نفقة الحاج عبد اليسار التجاني، 397هـ/1977م، ج2 ص:253

[4] - معناها في اللغة الفلانية: الفقيه

[5] - جومي، أبوبكر محمود الشيخ: مقدمة ضياء التأويل في معاني التنزيل، 1380هـ-1961م مطبعة الاستقامة القاهرة، مصر، ص:3

[6] - وهو: أساليب بلاغية في ديوان الأستاذ عبد الله بن فودي

[7] - أغاك،: أساليب بلاغية، ص:34

[8] - ابن فودي: البحر المحيط، المصدر السابق، ج1 ص:60

[9] - المصدر نفسه، ص:27

[10] - ابن فودي: لمع البرق، المصدر السابق، ص:236

[11] - المصدر نفسه، ص:226

[12] - راجع: الأنباري، أبو البركات عبد الرحمن: الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، دار الطلائع، القاهرة بلا تاريخ، ج2 ص:119

[13] - المصدر نفسه، ج 2ص:34-35

[14] - ابن فودي: البحر المحيط، المصدر السابق، ج1 ص:60

[15] - المصدر نفسه، ص:105

[16] - ابن فودي: لمع البرق، المصدر السابق، 165

[17] - البحر المحيط، المصدر السابق، ج1 ص:23-24

[18] - لمع البرق، ص:155

[19] - البحر المحيط، ج1 ص:104

[20] - راجع: شرح ابن عقيل، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، ج1 ص:193

[21] - المصدر نفسه والصفحة

[22] - ابن فودي: البحر المحيط، ج1 ص:3-4

[23] - ابن فودي: لمع البرق، ص:111-112

[24] - ابن فودي: البحر المحيط، المصدر السابق، ج1 ص:18-19

[25] - المصدر نفسه، ج1 ص:20

[26] - غافر:16

[27] - - سيبويه: أبو البشر عمرو بن عثمان: الكتـاب، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار النشر: دار الجيل بيروت، لبنان، ج3 ص:119

[28] - ابن فودي: البحر المحيط، المصدر السابق، ج1 ص:2-3

[29] - ابن فودي: لمع البرق، المصدر السابق، ص:114

[30] - المصدر نفسه والصفحة.

[31] - بن فودي: البحر المحيط، المصدر السابق، ج1 ص:86

[32] - ابن فودي: المصدر نفسه، ص:64

[33] - المصدر نفسه، ص:36

[34] - المصدر نفسه، ص:38

[35] - ابن فودي: البحر المحيط، ج1 ص:26

[36] - المصدر نفسه، ص:27

[37] - المصدر نفسه، ج1 ص:58

[38] - ابن فودي: لمع البرق، المصدر السابق، ص:180

[39] - ابن فودي: البحر المحيط، ج1 ص:104

[40] - ابن فودي: لمع البرق، المصدر السابق، ص:190

[41] - راجع: الأفغاني، سعيد: من تاريخ النحو، دار الفكر بلا تاريخ، ص:64-65



Published in: Sprin Journal of Arabic-English Studies
ISSN: 2583-2859 (online)
Unique link: https://ae.sprinpub.com/sjaes/article/view/SJAES-2-1-3-25-40/