إعداد: د. محمد الطيب البشير بابكر
Dr. Mohammed Altayeb Albeshier Babikir
تقوى الحاج محمد عبد القادر
Taqua Alhaj Mohammed Abd-Elgader
الأستاذ المساعد بقسم اللُّغة العربيَّة ــ كليَّة التربية ـــ جامعة الخرطوم
1,2Assotant professor, Department of Arabic, Faculty of Education, Khartoum University, Sudan
DOI:10.55559/sjaes.v1i03.14 Received: 04.07.2022 | Accepted: 10.07.2022 | Published: 12.07.2022
Abstract:
This study dealt with verbal clues in Arabic grammar and showed their role in clarifying Arabic speech. It also revealed the relationship between the two types of verbal and intangible clues. It showed the views of the ancient and modern Arabic Grammarians and their contributions to clarifying those clues, especially the verbal ones. The study was based on various sources and references. This study aimed to clarify the context, enumerate its types, expand the difference in its divisions, and show the role of verbalism in explaining speech and its meaning. The study followed the descriptive approach based on collecting, classifying, and classifying the material, realizing its thought and achieving the desired goal. The study concluded after a set of results, perhaps the most prominent of which is: that “Linguistic clue” is a modern term, but its concept is old. The early Arabic grammarians took it up. Context has an apparent effect on the totality of clues, as it has a significant influence in determining the presumption, understanding and disclosing it. Verbal clues collaborate to reveal the speaker’s intent and the writer’s intent. The role of clues often amplifies in one context while diminishing in another. The five verbal clues are: (the tool and the solidarity, the class, the link and the parsing sign). In its conclusion, the study recommended that each clue be studied separately. To obtain a sufficient share of the study, the early Arabic grammarians enjoyed the context of the parsing.
Keywords: Presumption, Context, Verbal
Electronic reference (Cite this article): Babikir د. م. ا. ا., & Abd-Elgader ت. ا. م. (2022). Verbal links in Arabic grammar (Descriptive study). Sprin Journal of Arabic-English Studies, 1(03), 115–139. https://doi.org/10.55559/sjaes.v1i03.14 Copyright Notice: © 2022 The Author(s). This is an open-access article published by Sprin Publisher under the Creative Commons Attribution 4.0 International (CC BY 4.0) license. https://creativecommons.org/licenses/by/4.0/ |
مستخلص:
تناولتْ هذه الدراسة القرائن اللَّفظيَّة في النحو العربي، وبيَّنتْ دورها في توضيح الكلام العربي، كما كشفتْ عن العلاقة بين نوعي القرائن اللَّفظيَّة والمعنويَّة ، وبيَّنتْ آراء الأقدمين والمحدثين من نحاة العربيَّة واسهاماتهم في توضيح تلك القرائن، لاسيَّما اللَّفظيَّة منها، واستندتْ الدراسة في ذلك على العديد من المصادر المتنوعة، والمراجع المتعدِّدة. هدفتْ الدراسة إلى بيان ماهيَّة القرينة، وحصر أنواعها، وبسط الاختلاف في تقسيماتها، وبيان دور اللفظيَّة منها في توضيح الكلام ومدلوله. واتَّبعتْ الدراسةُ ـــ في ذلك ـــ المنهج الوصفيَّ، الذي يقوم على جمع المادة، وتصنيفها وتبويبها، وإعمال الفكر فيها، بغية تحقيق الهدف المنشود منها، وخلصتْ الدراسة بعدُ إلى جملةٍ من النتائج، لعلَّ من أبرزها: مصطلح القرينة مصطلحٌ حديث، إلا أنَّ مفهومها قديم، تناوله نحاة العربيَّة الأوائل. للسياق تأثيرٌ غير خافٍ على مجمل القرائن؛ إذْ له أثٌر كبيرٌ في تحديد القرينة وفهمها والكشف عنها. تتعاضد القرائن اللَّفظيَّة للكشف عن مراد المتكلم ومقصود الكاتب. كثيراً ما يَعْظُمُ دور قرينة من القرائن في سياقٍ ما، بينما يتضاءل في سياقٍ آخر. القرائن اللَّفظيَّة خمس هي: (الأداة، والتضام، والرتبة، والربط، والعلامة الإعرابيَّة). أوصتْ الدراسة في خاتمتها بضرورة دراسة كل قرينة على حدة؛ لتنال نصيباً كافياً من الدراسة، كما حُظْيَتْ به قرينة الإعراب من قبل نحاة العربيَّة الأوائل.
كلمات مفتاحيَّة: القرينة، السياق، اللفظيَّة
مقدَّمة:
الحمد لله ربَّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيِّدِ المرسلين، محمد بن عبد الله، عليه أفضلُ الصلاةِ وأتمُّ التسليم، ثُمَّ أمَّا بعدُ:
فمن المعلوم أنَّ اللُّغة العربيَّة لُّغةٌ مُعربة، وقد تميَّزتْ على كثيرٍ من اللُّغات بضبط أواخر ألفظها، هذا الضبط لعب دوراً كبيراً في توضيح معانيها، وبيان المقصود من أقوال متكلميها، حيثُ اُصطلح عليه بالإعراب، هذا الإعراب وجد اهتماماً كبيراً من نحاة العربيَّة الأوائل، منذ أبي الأسود الدولي وتلاميذه أمثال نصر بن عاصم الليثي وعبد الرحمن بن هرمز، وتلاميذ تلاميذه أمثال عبد الله بن أبي إسحق الحضرمي وأبي عمرو بن العلاء، مروراً بعيسى بن عمر ويونس بن حبيب، وصولاً إلى الخليل بن أحمد وتلميذه النجيب سيبويه، منذ ذاك الحين وجد الإعراب حظَّا وافراً من الدراسة والوضع والبحث والتنقيب، فوُضِعتْ فيه نظريات، وصُنِّفتْ فيه مصنَّفات، وبعد المصنَّفات شروحٌ ومختصرات، علماً بأنَّ الإعراب هو أحد القرائن اللَّفظيَّة التي تعمل على توضيح المقصود من الكلام، ففي هذه الورقة ــــــ إنْ شاء الله تعالى ــــــ سنقف بالدراسة عند تلك القرائن اللَّفظية التي لم يُعرف منها ـــــــ بالقدر الكافي ـــــــ سوى قرينة الإعراب.
تستمدُّ هذه الدراسةُ أهميتها من أهمية القرائن ذاتها؛ ذلك أنَّ قرينة الإعراب ـــــــ وهي قرينة لفظيَّة ـــــــ حُظيتْ باهتمامٍ بالغٍ من قبل العلماء قديماً وحديثاً، على خلاف بقيَّة القرائن اللَّفظيَّة التي لم تجد حظَّاً مُنْصِفاً من الدراسة، مع بالغ أهميتها، وضرورة وجودها، وشدَّة احتياج قرينة الإعراب لها في الكلام العربيِّ.
تهدُفُ هذه الدراسة إلى بيان ماهيَّة القرينة، وحصر أنواعها، وبسط الاختلاف في تقسيماتها، وبيان دورها في توضيح الكلام ومدلوله، هذا مع التعرُّف على وظيفة القرائن اللَّفظيَّة ودورها في توضيح المقصود.
اتَّبعتْ الدراسةُ ـــــ في ذلك ـــــ المنهج الوصفيَّ، الذي يقوم على جمع المادة، وتصنيفها وتبويبها، وإعمال الفكر فيها، بغية تحقيق الهدف المنشود منها.
احتوتْ هذه الدراسة على الموضوعات الآتية: معنى القرينة في اللُّغة والاصطلاح، وأنواع القرائن، وضروب القرائن اللَّفظيَّة، وبيان دور القرائن اللَّفظيَّة في الكلام العربيِّ، تلا ذلك خاتمة تضمَّنتْ النتائج التي خَلُصَتْ إليها الدراسة، ثُمَّ زُيِّلتْ الورقة ـــــ بعد ذلك ـــــ بثبت للمصادر والمراجع التي اعتمدتْ عليها، هذا، واللهُ وليُّ ذلك والقادر عليه.
حدُّ القرينة في اللُّغة والاصطلاح:
القرينة لغة: مأخوذة من (قَرَنَ يَقْرِنُ) قَرَنْت الشيء أقرنه قَرْناً أي: شددته إلى شيء و(القَرَنْ) الحبل يُقْرن به، وقَرْنُ الثور معروف، وموضعه من رأس الإنسان قرنٌ أيضاً([1])، فالقاف والراء والنون أصول صحيحة، لها معنيان:
أحدهما: يدل على جمع شيء إلى شيء، والآخر: شيء ينشأ بقوة وبشدة([2])، والقرينة فعيلة بمعنى مفعولة من الاقتران، أو هي فعيلة بمعنى المفاعلة مأخوذة من المقارنة([3])، والقرائن جبال معروفة مقترنة([4])، والقرينة هي الزوجة والنفس، والبعير يُشَدُّ إلى آخر، أو الحبل الذي يَشُدُّ البعيرين...إلخ([5])، ومادة (قرن) في المعاجم العربيَّة مادة خصبة لها اشتقاقات كثيرة ومعانٍ متعدِّدة، تصل في بعض المعاجم إلى المائة أو أكثر([6])، ولعل أغلب هذه المعاني ترجع إلى معنيين أصليين:
- الأول: العظم الناشيء من رأس بعض الحيوانات.
- الثاني: معنى المصاحبة والضم والجمع، كما في قولهم للزوجة والصاحب: قرين وهو المعنى الذي جاء في سورة الزخرف عند قوله تعالى: "أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُمُقْتَرِنِينَ"([7]) أي: يقارن بعضم بعضاً، أو يمشون معه، ومعنى المصاحبة والضم والملازمة هو المعنى الغالب. وهنالك جامعٌ بين المعنيين الأصليين، وهو أنَّ العظم الناشيء على رأس بعض الحيوانات يجتمع ويقترن وينضم إلى عظم آخر يكونُ بجانبه.
القرينة اصطلاحاً: هي الدلالة التي تقارن الكلام([8])، ومصطلح الدلالة الذي ورد لإيضاح القرينة جاء في ضمن مجموعة اصطلاحات وردت عن القدماء للتعبير عن القرينة، فهي الرابط والآية والأمارة والدلالة([9])، ولعل مصطلح الدليل يقوم مقام القرينة عند القدماء، حتى أنَّ سيبويه (ت 180هـ) ومّنْ جاء بعده حتى عصر شيخ المؤرخين الإمام الطبري([10]) (توفي 310هـ)، استعملوا الدليل للتعبير عن القرينة، فقول سيبويه: "فإذا قال: ذهب، فهو دليل على أنَّ الحدث فيما مضى من الزمان، وإذا قال: سيذهب، فإنه دليل على أنَّه يكون فيما يستقبل من الزمان، ففيه بيان ما مضى وما لم يمضِ منه"([11])، فالدليل الذي ذكره سيبويه هو (قرينة الصيغة) في الدراسات الحديثة.
وعُرِّفت ـــ كذلك ـــ بأنَّها: أمرٌ يشير إلى المطلوب، وهذا التعريف يشمل فهم البلاغيين واللُّغويين للقرينة، وكذا علماء الفقه والأصول، وهؤلاء هم أكثر من اعتنى بالقرينة بشكل خاص([12]) وهي: ما يوضِّح عن المراد، لا بالوضع تؤخذ من لاحق الكلام الدال على خصوص المقصود أو سابقه([13]) وهي: الأمر الدال على الشيء من غير الاستعمال فيه([14])، فمفهوم القرينة تشابكه علماء اللُّغة والفقه والأصول، وعلى كثرة تداول مفهومها تارة، أو مصطلحها تارة أخرى، إلا أنَّنا لم نجد حداً وافياً لمصطلح القرينة عندهم؛ وسبب ذلك أنَّها ليستْ مفهوماً معقَّداً يباين المفهوم اللُّغوي كثيراً، بل يمكن للعارف باللُّغة أنْ يعقلَ معناها من خلال السِّياق الذي تردُ فيه.
والقرينة بمعناها العام هي الدليل، وهي عنصرٌ مهمٌّ من عناصر الجملة، يُستدَّل بها على المعنى؛ إذ إنَّها تعُضِّد ماظهر منه، أو توجِّه النصَّ إلى معنى آخر، بغير مجرى ظاهر النص([15])، يدركها المتكلم السليقي دون شعور منه بذلك، ويستعين بها في فهمه وإفهامه جمل اللُّغة، أمَّا الباحثُ فعليه أنْ يبحث عنها ويستقرئها([16])، وللقرينة عنصران مهمَّانِ يساعدانِ على فهم القرينة:
العنصر الأوَّل:
إنَّ القرينة ليست أمراً خارجاً عن النص، بل يُعدُّ النصُّ تجسيداً للقرائن؛ أي: إنَّ كل جزءٍ منه له دلالة، ويؤدي وظيفة معنويَّة تعضد فهماً معيناً أو تدفعه، ففي كل نصٍّ قرائنٌ عدَّة، لا يمكن الاكتفاء بأحدها للوصول إلى المعنى؛ لأنَّ كلَّ جزءٍ من النص يحوي من القرائن ما يوضح المراد منه، وهو ما أشار إليه الدكتور تمَّام حسَّان، حين جعل المعنى النحوي لا يمكن أن تقوم به قرينة واحدة، بل لابدَّ من تضافر قرائنٍ متعدِّدة، هي فيث الأساس جزء من بنية الجملة أو خارجة عنها([17])؛ لأنَّ القرينة قد تكون جزءاً من الخطاب، أو داخلة في مادة من مواد الخطاب الصوتيَّة أو الصرفيَّة أو النحويَّة أو المعجميَّة([18])، فحين أعربنا (زيداً) في قداً لأساس، وهو ما ألحمنه بذلك,أنَّ العظم الناشيء على رأس بعض الحيوانات يجتمع ويقترن وينضم إلى عظم آخر يكونُ بجانبه.ولهم: (ضرب زيدٌ عمراً) فاعلاً، كان بالاعتماد على عدَّة قرائن، بعضها من بنية الكلمة، وبعضها من التركيب([19]).
فالقرينة إذن قد تكون جزءاً من الخطاب، أو بنية الجملة، أو بنية الكلمة؛ بمعنى أنّ أي عنصر له قابليَّة الاستبدال مع غيره مع إحداث أثر دلالي هو قرينة، فصيغة (فَعَلَ) في (ذَهَبَ) قرينة على حدوث الفعل في زمن مضى، وصيغة (يَفْعَلُ) في (يَذْهَبُ) قرينة على زمن الحال أو الاستقبال، فالاستبدال في الصيغة هو الذي أحدث الأثر الدلالي، في حين أن مادة الفعل (الذهاب) ليست قرينة في هذا المحل، ولكنَّها قد تكونُ قرينةً إن احتمل الاستبدال مع غيرها؛ كأن يختار المتكلم (رحل) أو (سافر) بدلاً عن (ذهب) فلكلٍ معناها.
العنصر الثاني:
ضرورة تحديد الوظيفة المعنويَّة والدلاليَّة للقرينة، فحين عدَّ البلاغيون القرينة في الكلام هي كل ما لا يدل على المقصود([20])، وذهبُوا إلى أنَّها صرفٌ للذهن عن المعنى الوضعي إلى المعنى المجازي([21])، جعلوها ذات وظيفة محدَّدة، ميدانها الحقيقة والمجاز، فما لايحتاج إلى قرينةٍ تُلفت إليه هو حقيقة، وما كان يُدَّلُّ عليه بقرينة فهو مجاز([22])، وهذا الفهمُ جاء نتيجةً لما وُظِفَتْ فيه، وهو علم البيان الذي ينظر في كيفيَّة إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة([23])، أمَّا الفهم الآخر لها فميدانه العلوم اللُّغوية الأُخرى، فهو لا يجعل من القرينة أداةً لصرف المعنى عن ظاهره، إلى معنى آخر دلَّتْ عليه القرينة فحسب؛ بل هي أداةٌ لفهم المعنى المراد من النص؛ أي أنَّها مفسِّرةٌ ومبيِّنَةٌ وقريبة من هذا الفهم عند الأصوليين في حدِّهم للقرينة؛ إذْ جعلوها "ما يصاحبُ الدليلَ فيبيِّن المراد به، أو يقوِّي دلالته أو ثبوته"([24]).
وهذه الفكرة هي التي تبناها الدكتور تمَّام حسَّان، حين جعل القرائن بديلاً عن العامل النحوي، وعن طريقها يمكن الوصول إلى المعنى.
أنواع القرائن:
القرائن قسمان: حاليَّة ومقاليَّة، أو لفظيَّة ومعنويَّة([25])، وعند الأُصوليين تقسَّمُ بحسب الاعتبار إلى أقسامٍ مختلفة: فتارةً قسَّمُوْها إلى ظنيَّة وقطعيَّة، وأُخرى إلى مقاليَّة وحاليَّة، وثالثة إلى جليَّة وخفيَّة.([26])، أمَّا عند الفقهاء فقد قسَّمُوْهَا إلى الفقهاء قسمين اثنينِ: قرينة قاطعة: وهي التي تكون دلالتها لا تقبل العكس، وقرينة غير قاطعة: وهي التي تكون دلالتها تقبل إثبات العكس([27]).
وعلى الرغم من إحاطة النحويين العرب بمفهوم القرينة، إلا أنَّهم لم يحدِّدوا أنواعها ولم يوجِّهوا عنايتهم نحوها([28])، ولعل سبب ذلك يعود إلى اهتمام القدماء بقرينة واحدة، هي العلامة الإعرابيَّة، ونظريَّة واحدة هي نظريَّة العامل([29])، والصِّلة بين الأمرين قديمة قويَّة، فكان ذلك على حساب القرائن الأخرى.
ويرى الدكتور محمد حماسة أنَّ أوَّل من حاول الاهتمام بقرائن الجملة مجتمعة هو الإمام عبد القاهر الجرجاني فيما سماه (النظم)، وقد أشار إلى ذلك بقوله: "وأعلم أن ليس النظم إلا أن تضع كلامك الوضع الذي يقتضيه علم النحو... وينظر في الجمل التي تسرد، فيعرف موضع الفصل فيها من موضع الوصل، ثم يعرف فيما حقه الوصل موضع (الواو) من موضع (الفاء)، وموضع (الفاء) من موضع (ثمَّ)، وموضع (أو) من موضع أم، وموضع (لكن) من موضع (بل)، ويتصرف في التعريف والتنكير والتقديم والتأخير، وفي الكلام كله، وفي الحذف والتكرار، والإضمار والإظهار فيصيب كلًّ من ذلك مكانه، ويستعمله على الصحة وعلى ماينبغي له"([30])، فقد تناول فيه عدد من القرائن كالصيغة والأداة والتضام والرتبة والمطابقة والنغمة، ولكنَّه ليس أوَّل من تحدَّث عن مجموعة من القرائن، فقد سبقه إلى ذلك أبو الفتح ابن جني، عندما أشار إلى عدم كفاية قرينة العلامة الإعرابيَّة في الكشف عن المعاني النحْويَّة في بعض التراكيب؛ لذا لا بُدَّ من أن يُستعان بقرائنٍ أخرى تُعين على فهم المراد، ويؤمن اللبس معها، فقد قال في باب القول على الإعراب: "... ألا ترى أنَّك إذا سمعتَ أكرم سعيد أباه، وشكر سعيداً أبوه، علمتَ برفع أحدهما ونصب الآخر الفاعل من المفعول؟ ... فإنْ قلتَ: فقد تقول: ضرب يحي بشرى، فلا نجد هناك إعراباً فاصلاً وكذلك نحوه، قيل: إذا اتَّفق ما هذا سبيله ممَّا يخفى في اللَّفظ حاله أُلْزِم الكلام من تقديم الفاعل وتأخير المفعول ما يقوم مقام بيان الإعراب، فإنْ كانت هناك دلالة أخرى من قبل المعنى وقع التصرف فيه بالتقديم والتأخير، نحو: أكل يحي كمثرى، لك أنْ تقدِّم وأنْ تؤخِّر كيف شئتَ، وكذلك ضربتْ هذا هذه، وكلم هذه هذا"([31]).
فهذه النكتة الدقيقة التي أشار إليها ابن جني حين عدَّ قرينة العلامة الإعرابيَّة وحدها غير كافية في الكشف عن المعاني في كل حال، إذْ لابُدَّ أنْ تجتمع معها قرائن أخرى تساعد على فهم المعنى، كقرينة الرتبة، والقرينة المعجميَّة، وقرينة المطابقة، وهذا يدل على فهم العرب للقرينة ومعرفة أنواعها، ولكن من غير تصريحٍ بتسمية هذه الأنواع سوى الإشارة إلى أنَّها مقاليَّة وحاليَّة كما أشرنا سابقاً.
ويرجع الفضل في تقعيد وتبويب القرائن إلى الدكتور تمَّام حسَّان حين أقام نظريَّة لُّغويَّة أعادتْ فهم التراث اللُّغوي العربي، معتمداً على المنهج الوصفي في دراسة اللُّغة([32])، ونتج عنها فهمٌ جديدٌ لم يفطن إليه النحويون كمنهج للدراسة، ألا وهو مبدأ (تضافر القرائن)، ومن ثَمَّ قام بإحصاء هذه القرائن، وقدَّم دراسةً لكل واحدة منها على حدة([33])، وقد اعتمد الدكتور تمَّام حسَّان في تقسيمه هذا على ما فهمه من الإمام عبد القاهر الجرجاني من فكرة التعليق التي عدَّها الدكتور تمَّام حسَّان" أخطر شيء تكلم فيه عبد القاهر على الاطلاق"([34])، ثم بيَّن المقصد من فكرة التعليق بقوله: " وفي رأيي ـــــ كما كان في رأي عبد القاهر على أقوى احتمال ــــ أنَّ التعليق هو الفكرة المركزيَّة في النحو العربي، وأنَّ فهم التعليق على وجهه كافٍ وحدَه للقضاء على خرافة العمل النحوي والعوامل النحويَّة؛ لأنَّ التعليق يحدِّد بواسطة القرائن معاني الأبواب في السِّياق، ويفسر العلاقات بينها على صورة أوفى وأفضل، وأكثر نفعاً في التحليل اللُّغوي لهذه المعاني الوظيفيَّة النحويَّة"([35])، وذهب إلى تحديد التعليق تحت عنوانين: (العلاقات السِّياقيَّة)، و(القرائن اللَّفظيَّة).
فإذا علمنا أنَّ العلاقات السِّياقيَّة التي تربط بين الأبواب وتتَّضح بها الأبواب هي في الحقيقة (قرائن معنويَّة)؛ فقد علمنا أنَّ العنوانين المذكورين معاً يتناولا القرائن من الناحيتين المعنويَّة واللَّفظيَّة، وهي مناط التعليق([36])، ثُمَّ إنَّ هذين القسمين يندرجان تحت ماعُبِّرَ عنه سابقاً بالمقال، ويصدق على كليهما اصطلاحاً: (القرائن المقاليَّة)؛ لأنَّ هذين النوعيين من القرائن يؤخذان من المقال لا من المقام([37]).
والقرائن المقالية ــــــ معنويَّة ولفظية ــــــ لها دورٌ بارزٌ ومهمٌّ في التحليل الإعرابي والوصول إلى معنى التركيب النحوي([38])، فالقرائن المعنويَّة هي العلاقة التي تربط بين عنصرٍ من عناصر الجملة وبقيَّةالعناصر([39])، واللَّفظيَّة هي عنصرٌ من عناصر الكلام يُستدلُّ بها على الوظائف النحويَّة([40]) وتحت كلِّ قسمٍ منها قرائنُ عدَّة.
هذا التقسيم ومانتج عنه فيما يعرف بـ (تضافر القرائن) يُعدُّ أهم المحاولات لفهم النظام اللُّغوي للعربيَّة وأبعدها أثراً؛ ذلك لأنَّها أول دراسةٍ في تاريخ النحو العربي كلِّهِ تقيم منهجاً على أساس فكرة التعليق([42])، ومن جانب آخر فإنَّ ما امتازتْ به هذه الدراسة من جدة وفرادة في محاولة تطبيق النظريَّة اللُّغوية الحديثة على اللُّغة العربيَّة معتمدة على المنهج الوصفي الحديث([43])، كل هذا جعل الباحثين مقلِّدين لما أتى به الدكتور تمَّام حسَّان معتمدين على التقسيم الذي ارتضاه للقرائن، عدا بعض التغيير في نسبة بعض القرائن إلى نظام معين بين لفظيَّة ومعنويَّة، أو صوتيَّة وصرفيَّة ونحويَّة وهكذا([44])؛ ولعلَّ السبب في هذا يعود إلى أنَّ الدكتور تمَّام حسَّان لم ينسبْ القرائنَ إلى الأبواب التي تنتمي إليها، وإن نسبَ بعضها فإنَّه أعاد نسبتها في موضع آخر، أو أنَّه جعل بعضها جزءاً من بعضها الآخر.
فالنظام النحوي ــــــ كما يراه ــــــ يُبنى على أساس مجموعةٍ من العلاقات التي تربط بين المعاني، كالإسناد والتخصيص والنسبة والتبعيَّة، وما يقدمه علماء الصوتيات والصرف لعلم النحو من قرائن صوتيَّة أو صرفيَّة، كالحركات والحروف ومباني التقسيم ومباني التصريف([45])، ولا قرائن لفظية للنحو إلا ما يمدُّهُ به الأصوات والصرف([46])، وفي موضع آخر يرى أنَّ المعنى الوظيفي للنحو تحرسه قرائن صوتيَّة، كالعلامة الإعرابيَّة ونغمة الكلام، أو صرفيَّة كبنية الكلمة والمطابقة والربط والأداة، أو تركيبيَّة كالتضام والرتبة([47])، ونراه مرة أُخرى يحدد القرائن النحويَّة بالصيغة والإعراب والربط والرتبة والتضام([48])، وقد اختلف الباحثون في تناول القرينة وفي تقسيمهم لها، أو في إضافة بعض القرائن على تقسيم الدكتور تمَّام حسَّان([49]).
وسيعتمدُ الباحثان في هذه الورقة ــــــــ إنْ شاء اللهُ تعالى ــــــــ قسمة الدكتورة كوليزار عزيز في كتابها (القرينة في اللُّغة العربيَّة)؛ لأنَّه أشمل التقسيمات وأوضحها وأبينها من الناحية النحْويَّة، إذْ جعلتْ القرائن النحويَّة على قسمين: لفظية ومعنويَّة، اللَّفظيَّة خمس قرائن هي: (العلامة الإعرابيَّة، والرتبة، والتضام، والربط، والأداة)، والمعنويَّة أربع قرائن هي: (الإسناد، والتبعية، والتخصيص، والنسبة). وقد خصَّصَ الباحثان هذه الورقة لدراسة القرائن اللَّفظيَّة دون غيرها، وقد خصصنا ورقةً أُخرى للبحث في القرائن المعنويَّة؛ حتى يجد كلُّ موضوعٍ نصيباً كافٍ من البحث والاستقصاء.
القرائن اللَّفظيَّة:
توطئة:
تُعدُّ الدلالة اللُّغوية من أبرز مصاديق الدوال على المعاني، وأنَّ النص غالباً ما يكون مستوعباً للمعنى المختلج في نفس المتكلم، قال ابن جني في حد اللُّغة: "هي أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم"([50])، فالتعبير عن الغرض هدف يسعى إليه المتكلم، ووسيلته في هذا: اللُّغة التي يتفاهم بها مع نظرائه بنحو تكون مبيِّنة عن غرضه.
وفي كل لُّغة من اللُّغات البشريَّة نظام صوتي وصرفي ونحوي، وقائمة من المفردات يُؤدَى بها المعنى وفق تلك الأنظمة، فالنظام الصوتي هو المكون للنظام الصرفي عن طريق (الفونيمات)، ويستعمل النظام الصرفي من (المورفيمات)([51]) ما يؤلف النظام النحوي الذي قوامه العبارت والجمل([52])، وهو يعتمد في بيان معانيه على الوظائف التي تؤديها الكلمات في الجمل، فلكلِّ كلمة ـــــ زيادة عن معناها المعجمي ـــــ وظيفة تؤديها بحسب السِّياق اللُّغوي الذي ترد فيه" وتحليل مبنى الجملة في اللُّغة العربيَّة يبدأ بالمعنى النحوي (الوظيفي) فيوضح العلاقة بين مبنى الكلمة ومعناها النحوي، ثم ينتقل التحليل إلى المعنى المعجمي للكلمة في اللُّغة، وذلك في إطار نظريَّة السِّياق، للوصول إلى المعنى الدلالي"([53]).
والنحو العربي هو أحد أنظمة اللُّغة العربيَّة الذي يتجسَّد به المعنى، مستعيناً على ذلك بمجموعة من الأمارات والقرائن التي تُعين على فهم المراد من النص، وما على الناظر إلا السعي وراء القرائن المختلفة([54])، والمعاني النحْويَّة ـــــ غالباً ـــــ تقوم على القرائن اللَّفظيَّة والمعنويَّة، هذا علاوة على قرينة (سياق الحال)، والقرائن اللَّفظيَّة تشمل: العلامة الإعرابيَّة والأداة والتضام والرتبة والربط، ويمكن تعريفها بأنَّها: "الصورة اللَّفظيَّة المنطوقة أو المكتوبة على مستوى كل جزء من الأجزاء التحليلية للتعبير الكلامي أو على مستوى التركيب الكلامي ككل"([55]).
من هنا يتضح أنَّ القرائن بشكل عام ـــــــــ واللَّفظيَّة بشكل خاص ـــــــــ تؤدي إلى كشف المراد من النَّص، عن طريق تحديد الوظيفة التي تؤديها الكلمات داخل الجملة المنطوقة أو المكتوبة، عن طريق تحليلها وفهمها، وبذا يؤدي النَّص وظيفته في البيان والإفهام، ويكون قادراً على استيعاب المعنى الذي يريده المتكلم، وللقرائن اللَّفظيَّة الأثر البالغ في استنطاق معنى النَّص وتوجيه دلالته، وقد بدأ الباحثان البحث بقرينة الأداة ثم تتبعها بقيَّة القرائن وهي على النحو التالي:
أولاً: قرينة الأداة:
الأدوات قسمٌ من أقسام الكلام كثيرة الدوران، عظيمة الاستعمال في اللُّغة، إذ أنَّ "تركيب أكثر الكلام عليها، ورجوعه في فوائده إليها"([56])، وهي من أهم الروابط بين الجمل" تربط الأسماء بالأفعال والأسماء بالأسماء، والجمل بالجمل"([57])، وكثير من المعاني متوقف على ذكر أدواته([58]).
والأداة في اللُّغة: هي الآلة التي يستعملها ربُّ الحرفة في عمله، وجمعها أدوات([59]) وأداة الحرب: سلاحها([60])، والأداة تعمل أعمالاً يتوصل بها إلى ما يراد([61]).
وفي الاصطلاح: هي "روابط تربط أجزاء الجملة بعضها ببعض وتدل على مختلف العلاقات الداخلية بينها"([62])، ولكون بعض الأدوات لا تفيد الربط، كأدوات الاستفتاح والنداء وغيرها، عرّف بعض الباحثين الأداة بأنَّها: "كلمة تدلُّ على معنى في غيرها، وقد تستعمل للربط بين أجزاء الجملة الواحدة، أو الربط بين الجمل"([63]).
وقد حُظيتْ الأداة باهتمام العلماء منذ القدم، فصنفوا فيها المصنفات، قال المرادي: "لمَّا كانت مقاصد كلام العرب على اختلاف صنوفه مبيَّناً أكثرها على معاني حروفه صرفت الهمم إلى تحصيلها، ومعرفة جملتها وتفصيلها، وهي مع قلتها وتيسُّر الوقوف على جملتها، قد كثر ورودها، وبعد غورها، فعزَّت على الأذهان معانيها، وأبت الإذعان إلا لمن يعانيها"([64])، فتناولوها عن طريق مصنفات تفسير القرآن، فيما يعرف بكتب المعاني والغريب وغيرها، وكتب النحو، نحو كتاب سيبويه، ومصنفات خاصَّة بالحروف نحو حروف المعاني للزجاجي، وبعضها اختصَّ بجزء من الحروف كـ (الألفات) لابن الأنباري، و(اللامات) للزجاجي وغيرها.
وقبل الدخول في مفهوم الأداة بوصفها قرينة لا بدَّ من التفريق بين الحرف والأداة، "الأداة أعم من الحرف، فالحرف يقيدنا بالحرف وحده دون الاسم والفعل، أمَّا الأداة فيدخل فيها زيادة على الحرف الاسم والفعل؛ لأنَّ الأدوات في العربيَّة ليست حروفاً فقط، بل ترد أحياناً أسماء وأفعال"([65])، وهذا الفهم للأداة لم يكن واضحاً منذ بدايات الدرس النحوي، حيثُ إنَّ لفظ الأداة عند النحويين القدماء كان يتماشى مع المعنى المعجمي، فهي تعني الآلة التي تستعمل، أو تكون ـــــــ غالباً ـــــــ بمعنى الحرف المقابل للاسم والفعل([66])، وهي ما دفع الدكتور محمود أحمد الصغير إلى الحكم على القدماء بعدم اتِّضاح مفهوم الأداة عند المفسرين والنحويين([67]).
ولعلَّ مفهوم الأداة اتَّضح في القرن السابع الهجري، وصار دالاً على معنى محدد "واتَّضحت فيه حدود المفهوم الاصطلاحي، بعد أن أصبح في الميدان علم خاص بهذه الحروف"([68])، حيث تطوَّر هذا المفهوم ليشمل الحرف، وما تضمن معناه من الاسم والفعل والظرف([69])، حتى استقرَّ حدُّ الأداة عند السيوطي (911هـ) بقوله في الباب الذي عقده (في معرفة معاني الأدوات التي يحتاج إليها المفسر): "أعني بالأدوات الحروف وما شاكلها من الأسماء والأفعال والظروف"([70])، ومصطلح الأداة بهذا الفهم يجعل النحويين العرب متقدمين على غيرهم من اللُّغويين المعاصرين([71]).
والأداة قرينة لفظيَّة مستعملة في التعليق أو الربط كما يسميه علماء الأصول([72])، الربط بين الأبواب المفردة، كما في حروف الجر والعطف وغيرها([73])، وهي من القرائن المهمة في الاستعمال العربي، فـــ "كل جملة في اللُّغة الفصحى على الاطلاق تتَّكلُ في تلخيص العلاقة بين أجزائها على الأداة"([74])، إذن فالأداة هي أكثر من كونها حرف، وتشمل أصناف عدة، وهي جزءٌ لا يتجزأ عن عناصر الكلام الذي تربطُ بين أجزائه.
حيثُ إنَّ كثيراً من أساليب العربيَّة يتضح معناها عن طريق الأداة، كأسلوب النفي والاستفهام والعرض والتحضيض والتمني والترجي وغيرها([75])، والأدوات في اللُّغة العربيَّة تشمل خمسة أصناف هي:([76])
من هذا التعدد كان للأداة أهميَّة كبرى في التركيب؛ لأنَّ"الأداة عبارة عن نظام للمعاني والصيغ اللُّغوية المترابطة بينها"([77])، وتتجلى أهميتها في أثرها في قرينة الإعراب والربط والتضام والرتبة، فضلاً على كونها قرينة مهمة من القرائن الكاشفة عن المعنى، ووسيلة مهمة من وسائل أمن اللَّبس([78])، و"تعد الأداة من أهم الوسائل التي تغير المعنى النحوي في الجمل العربيَّة"([79]) فقولك: (ما أتاني زيدٌ)، قد انقلب معناه تماماً عند قولك: (ما أتاني إلا زيدٌ)؛ لأنَّك أدخلتَ (إلا) لتوجب الفعل لهذا الاسم؛ ولتنفي ما سواه، فصار هذا الاسم مستثنى بفعل الأداة([80]).
و لقرينة الأداة دورٌ كبيرٌ في توجيه المعنى، وذلك حسب نوع الأداة وتعدُّد دلالتها، وخروجها عن معناها إلى معنى آخر، ولفهم الأداة لا بدَّ من الإلمام بأساليب التعبير في اللُّغة العربيَّة، إضافة لذلك أنَّ للسياق أثراً مهمَّاً في تحديد دلالة الأداة، إذ أنَّ الأداة من أكثر أصناف الكلام تفاعلاً مع السِّياق.
ثانياً: قرينة التَّضام:
عُرِّف التضام بأنَّه: استلزام أحد العنصرين النحويين لعنصر آخر، أو التنافي بين العنصرين، أو هو كلُّ لفظين أو بابين أو لفظ وتركيب، أو لفظ ومحل إعراب بينهما اقتضاء ضروري أو غير ضروري([81])، فهو علاقة تنشأ بين عنصرين داخل النظام التركيبي، لذا كان التضام من القرائن العلائقيَّة التي لا تتَّضحُ إلا عن طريق التركيب والتعالق بين العناصر اللُّغوية، من دون تعيينٍ لبابٍ نحوي، إذن لا يخلو بابٌ من أبواب النحو العربي من ظاهرة التضام، وقد قسَّم الدكتور تمَّام حسَّان علاقة التضام النحوي([82]) على قسمين هما: (التلازم والتنافي).
أولاً: التلازم: وهو ما يحصل بين بعض الوحدات النحْويَّة من تضام إلزامي حيثُ إنَّ ظهور هذا العنصر يستلزم ظهور عنصر آخر؛ لأنَّ كُلَّاً منهما متمِّمٌ للآخر، وبه يكتمل معناه([83])، وهو على قسمين:
ويتَّخذ التلازم بين العناصر اللُّغوية شكلين، هما: الاختصاص والافتقار.
إلى غير ذلك من مظاهر الاختصاص في النحو العربيِّ في باب الأدوات ويفهم من هذا أنَّ معنى التلازم والاختصاص، هو أنَّ وجود الأوَّل يعني وجود الثاني ونفي ما عداه.
الأوَّل: افتقار متأصِّل: هو العناصر التي لا يصح إفرادها في الاستعمال إلا لغرض الدراسة والتحليل، ومن مظاهره:([88])
والملاحظ "أنَّ هناك مساحة مشتركة بين الظاهرتين: ظاهرة الافتقار المتأصِّل وظاهرة الاختصاص"([89])، وكذلك يلحظ أنَّ هذا القسم من الألفاظ يكون افتقاره مختصاً بالكلمة من حيثُ هي بنية ولفظ "ولا يمتدُّ بها إلى التركيب"([90])، فحروف العطف والجر والاستثناء وغيرها مفتقرة ذاتاً إلى ما يتممها، وافتقار الضمير إلى مرجع هو افتقار بأصل الوضع، على أنَّ تمام فائدة هذه العناصر اللُّغوية مع ما تطلبه إنَّما يكون من وقوعها في التركيب اللُّغوي الصحيح، مستعينة بالسِّياق في تحديد وظائفها وما تشير إليه([91]).
الثاني: افتقار غير متأصِّل: ويكون للتركيب، أي هو غير منسوب للكلمة كالسابق؛ لأنَّها بحسب الأصل غير مفتقرة، وذاك بحسب أصل وضعه مفتقر([92])، ومن أمثلته([93]):
ويلاحظ فيها أنَّها تفتقر إلى ذلك عند دخولها في التركيب؛ لأنَّها خارج التركيب تدلُّ دلالة جزئية تتمثل في دلالتها المعجميَّة، فهي ذات مواد اشتقاقيَّة يرجع إليها في المعجم([94]).
إذن مظاهر الافتقار يكون تأثيرها كتأثير تضام الاختصاص في فهم النص، فكلاهما يستدعي عنصراً لُّغوياً لتمام المعنى.
ثانياً: التنافي: ويُقصدُ به أنَّ العنصرين لا يلتقيان مطلقاً، وهو عكس التلازم؛ لأنَّ وجود أحد العنصرين المتنافيين يعني استبعاد الآخر، كوجود حرف الجر الذي يمتنع أنْ يكون ما بعده فعلاً([95]) ، وهو من ظواهر العناصر التركيبيَّة، فهو خلاف التضام، وإنَّما دخل تحت التضام "باعتباره قسيماً للتلازم، وهذا التنافي قرينة سلبية على المعنى يمكن بواستطها أن نستبعد من المعنى أحد المتنافيين عند وجود الآخر"([96]) فالتنافي قاعدة سلبية لا تخلو من (لا) النافية، كقولهم: لا يدخل الحرف على الحرف، والضمير لا يوصف ولا يضاف... إلخ، ومن أمثلته([97]):
إذن التنافي قيمة عدميَّة، تقوم بدور خلافي على أساسه يكون التفريق والتمييز بين الأبواب النحْويَّة، فلو وُجِدَ حرف جر في التركيب امتنع أن يكون ما بعده فعلاً أو حرفاً وهكذا، هذه الفكرة يسميها الدكتور تمَّام حسَّان (امتناع المعاقبة)؛ بمعنى امتناع أن يحلَّ لفظٌ مكان لفظٍ آخر في تركيب معين، فمثلاً قولك: (كتاب زيد)، فإنَّ المضاف كتاب يمنع أن يحل محله فعل أو ضمير أو أداة شرط، وكذلك المضاف إليه زيد يمتنع أن يحل محله بعض العناصر([98])، لذلك يمثِّل تضام التنافي قرينة من القرائن النحْويَّة اللَّفظيَّة الدالة على المعنى، فالمعنى يتحدد بالاعتماد على التنافي بين العناصر النحْويَّة.
وممَّا يتفرع عن التضام مسألة الفصل أو عدم الفصل بين المتلازمين([99])، إذ أنَّ من صور التلازم ما يكون من حق المتلازمين فيه في نطاق الضميمة أن يتجاورا.([100]) ولا يجوز الفصل بين المتلازمين بأجنبي، وجوَّزوا الفصل بالجملة الاعتراضيَّة؛ لما لها من معنى في السِّياق([101]).
بهذا يتبيَّن أثر قرينة التضام في الكشف عن المعنى بمظاهر التضام المختلفة (الاختصاص، الافتقار، التنافي)، أو المظهر الآخر المتفرع عن التضام وهو الفصل بين المتاضمين، وأثر هذه القرينة في التركيب اللُّغوي وتوجيه المعنى.
ثالثاً: قرينة الرتبة:
تُعرَّف الرتبة بأنَّها: "الموقع الذي يتخذه العنصر النحوي في الجملة، وحركته في التركيب وعلاقته بالعناصر الأخرى في بناء الجملة "([102])، وعرَّفها بعضهم بأنَّها: " ملاحظة موقع الكلمة في التركيب الكلامي"([103])، و" لكل كلمة في الجملة العربيَّة ترتيب خاص بحسب وضعها اللُّغوي، فالفعل يتقدَّمُ على الفاعل، والفاعل يتقدَّمُ على المفعول به، هذا في نظام الجملة الفعليَّة، والمبتدأ يتقدم على الخبر في الجملة الاسمية ..."([104]) ، وهكذا بقيَّة مكونات الجملة، وقد أشار النحويون إلى ترتيب عناصر الجملة وحدَّدُوا مواضعها قال ابن مالك:([105]).
والأصل في الأخبارِ أنْ تُؤخْرَا وجَوَّزُوا التَّقْديم إذ لا ضَررا
كَذَا إذا يسْتـَـوجِب التـَّـصدِيــرا كَأَيـْـن مَنْ عَلمتَــه نَصِيـرا
ويخضع ترتيب الكلام في الجملة العربيَّة لما يطلق عليه الأصل والفرع في النحو العربي، فلكلِّ شيءٍ أصلٌ وفرعٌ يخرج عنه([106])، فالأصلُ في الجملة التي مسندها اسم (أنَّ) يتقدَّم المسند إليه، والأصل في الجملة التي مسندها فعل أن يتقدَّم الفعل([107])، والكلام كما يقول النحويون: "يكون له أصلٌ ثم يتَّسع فيه فيما شاكل أصله"([108])، ومن هذا التوسع تعرضَّ نظام ترتيب الكلمات إلى ما يدعو إلى تقديم بعض الكلمات على بعضها، وهذا العدول كذلك يجري وفق نظامٍ في اللُّغة العربيَّة بصورةٍ خاصَّة واللُّغة بشكل عام؛ لذا نجد النحويين ينصون على أنَّ هناك رتبة يجب الالتزام بها ورتبة حرة يجوز العدول عنها لمتطلبات الشكل والمعنى، من هنا يكون للرتبة نوعان: رتبة محفوظة، ورتبة أخرى غير محفوظة.
أولاً: الرتبة المحفوظة:
يُقصد بها: "موقع الكلمة الثابت متقدِّماً أو متأخِّراً في التركيب الكلامي، بحيثُ لو اختلَّ هذا الموقع لاختلَّ التركيب باختلاله"([109])، فالرتبة تكون محفوظة إذا كانت متقدمة دائماً، أو متأخرة دائماً عن صاحبتها، فلا يتغير موضع الكلمة إلا في الضرورة، أو عند أمن اللَّبس([110])، فيؤدي العنصر اللُّغوي وظيفته في هذا الموقع، وإذا اختلَّ موضعه لاختلَّ التركيب، أو تغيَّر الباب النحوي، ومن الرتب المحفوظة في التركيب العربي ما يأتي:
وفي كلِّ حالة من الحالات التي يستوجب فيها تقديم عنصر يستوجب كذلك تأخير العنصر اللاحق.
ثانياً: الرتبة غير المحفوظة:
يُقصد بها: "موقع الكلمة المتغيِّر في التركيب الكلامي، متقدماً أحياناً ومتأخراً أحياناً أخرى"([111])، فالكلمة أثناء الجملة ـــــــ إذا كانت رتبتها غير محفوظة ـــــــ تحمل معها ما يدل عل صفتها الإعرابيَّة، وما دام للكلمة مثل هذه السِّمة فإنَّ لها حرية التنقل داخل الجملة"([112]) فالعلامة الإعرابيَّة هي التي تتيح الحريَّة للرتبة فيتقدَّم ما حقَّه التأخير، ويتأخر ما حقَّه التقديم، مع المحافظة على وظيفة كل منهما"([113]) والرتبة غير المحفوظة قد يطرأ عليها من دواعي أمن اللَّبس ما يدعو إلى حفظها([114]) فإنْ وُجِدَ في التركيب قرينة تمنع اللَّبس، كقولك: (أكل موسى الكمثرى)، لك أنْ تقدَّمَ وتؤخِّرَ.([115])
ومن الرتب غير المحفوظة ما يلي:([116])
وعدم حفظ الرتبة لا يعني أن لا رتبة لها، بدليل التقديم تارةً والتأخير تارةً أخرى؛ إذ أنَّ "الرتبة المحفوظة رتبة في نظام اللُّغة وفي الاستعمال في الوقت نفسه، أمَّا غير المحفوظة، فهي رتبة في النظام فقط، وقد يحكم الاستعمال بوجوب عكسها"([117]) وتقوم الرتبة بوظيفة سياقيَّة نحويَّة تساعد على أمن اللَّبس، ففي الجملة الاسميَّة التي يكون فيها خبر المبتدأ فعلاً، كقوله تعالى: "اللهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا"([118]) يكون الترتيب على هذا النحو ذا دلالة خاصَّة بها ليتضح المعنى، إذ لا يجوز تقديم الخبر ـــــــ إذا كان فعلاً ـــــــ على المبتدأ؛ لأنَّ بهذا ستتحول الجملة من اسميَّة إلى فعليَّة، والتعبير لكلٍّ منهما له دواعيه الخاصَّة.
وفي ضوء ما تقدَّمَ يتضح للباحثينِ أنَّ لقرينة الرتبة بنوعيها أثراً كبيراً في توجيه المعنى، بالاستناد إليها و بملاحظة أثر موقع الكلمات في النظم، سواء أكان الترتيب على الأصل أم على أساس العدول عن أصل الترتيب.
رابعاً: قرينة الربط:
الكلام لا يكون مجتمعاً مفيداً من دون ترابط بين عناصره، وهذه خلاصة ثلاث قرائن سياقيَّة أطلق عليها الدكتور تمَّام حسَّان (القرائن العلائقيَّة)([119]) ؛ أي التي تُفهم من ارتباط وتعلق الكلام بعضه ببعضٍ، والتي تعين على إحكام صياغة الجملة.
والربط منهج من مناهج المعالجة اللُّغويَّة التركيبيَّة في اللُّغة العربيَّة "باعتباره قرينة من القرائن اللَّفظيَّة التي ينبغي أن تحلل التراكيب العربيَّة في ضوء قواعدها وأنظمتها، باعتباره نظريَّة مهمَّة قائمة برأسها في إبراز العلاقات بين عناصر التراكيب العربيَّة"([120]) وتتحدد وظيفته بإيجاد التماسك بين الكلمات داخل الجملة، ثم بين الجمل داخل الفقرة، ثم بين الفقرات داخل النصِّ، فيبدو الكلام متماسكاً لفظاً ومعنىً([121])، من هنا كان للربط عناية فائقة في ميادين الدراسات اللُّغوية وخُصَّ بمباحث ودراسات مستقلة، حتى وُجِد أنَّه أهمُّ مظهرٍ لما عُرف في الدراسات المعاصرة بـ (نحو النص) خصوصاً الربط بين الجمل والفقرات([122])، وما قدمه الدكتور تمَّام حسَّان من فهم لهذه القرينة يعد "المعالجة الرائدة التي وظَّفتْ قرينة الربط باعتبارها قرينة لفظيَّة على اتصال المترابطين أحدهما بالآخر"([123])، ويتمُّ الربط بثلاث طرق:([124])
وتعني "علاقة دلاليَّة داخل الجملة والجمل، من خلال تطابق العناصر الدلاليَّة بين الشيء المحيل والشيء المحال إليه"([125])، ووظيفتها التذكير بعنصر آخر من عناصر الجملة، ولها صور عِدَّة هي في معظمها من قبيل مبدأ (الاختصار)، وذلك بعود الضمير إلى مرجع أو الإشارة إليه، أو وصف له بالموصول، أو بوسيلة أخرى غير الموصول([126])، والأصل فيها " أنْ يتكرر اللَّفظ بذاته فيحيل إلى ذكره الذي سبق"([127])، ولكن العربيَّة تلجأ إلى غير ذلك لتحقيق الربط؛ وذلك للاختصار وطلب الخفَّة والحذف وغيرها، إذا أُمِنَ اللَّبس، فتلجأ إلى ما يغني عن إعادة الذكر([128]). ومن أهمِّ ما يُغني عن إعادة الذكر، الضمائر بأنواعها الثلاثة:
وهذه الأنواع الثلاثة تشترك في طابع واحد هو الدلالة إمَّا على مطلق غائب أو مطلق حاضر"([129]).
والضمير عند النحويين العرب هو الأصل في الربط، وقد أشاروا في غيرما موضع إلى أهميته في تماسك النص، قال الرضي: "وإنَّما احتاجتْ إلى الضمير؛ لأنَّ الجملة في الأصل كلام مستقل، فإذا قصدت جعلها جزء الكلام، فلا بدَّ من رابطة تربطها بالجزء الآخر وتلك الرابطة هي الضمير"([130])، ويتمُّ الربط بالضمير العائد، وحين يعود يكون عوده على متقدِّم لفظاً ورتبة، أو لفظاً دون رتبة، أو رتبة دون لفظ، ويعود بعضها على متأخر لفظاً ورتبة كضمير الشأن([131]).
وهي مظهرٌ من مظاهر الربط في تركيب الجملة العربيَّة، وهي قرينة لفظيَّة "توثق الصِّلة بين أجزاء التركيب، وتعين على إدارك العلاقات التي تربط بين المتطابقين"([132])، ومن دونها تتفكَّك العرى بين أجزاء التركيب، وتصبح الكلمات المتراصة منعزلة بعضها عن بعض، ويصبح المعنى عسير المنال([133]).
والتماسك السِّياقي ضرورة من ضروريات البلاغة في الكلام، بل في إفادته للمعنى، ويتطلَّب ترابط وتوافق بين أجزاء معينة في السِّياق وهي:([134])
والجملة العربيَّة تختلف بحسب نوعها في التطابق بين أجزائها، بمعنى أن بعض عناصر الجملة قد يتوجب فيها التوافق بين أجزائها في واحد من العناصر أو اثنين أو أكثر، كما في التطابق بين التابع والمتبوع، إذ يغلب على التابع أن يتبع المتبوع بأربعة من هذه العناصر الخمسة([135])، أو قد يتطلَّب ثلاثة عناصر، كالمبتدأ والخبر، والإهدار في عنصر من عناصر التطابق بين أجزاء التركيب الذي يتطلب التطابق يحول الجملة إلى لغو غير ذي معنى، من هنا يكون التطابق وسيلة من وسائل الربط، وقرينة في فهم المعنى.([136])
تؤدي معنى وظيفي، فلا بيئة لها خارج السِّياق([137])، وأهم وظيفة تؤديها داخل السِّياق هي الربط بين العناصر اللُّغوية المختلفة، بل إنَّ الربط بالأدة هو أهم طرق الربط وأكثرها استخداماً في اللُّغة العربيَّة، والأدوات بمجملها رابطة تُقَوَّى بها الصِّلة بين كل المفردات الداخلة في حيزها، سواء أكانت الأداة داخلة على الجملة كـ (أدوات النفي والاستفهام والشرط والتعجب)، أم كانت داخلة على المفردات كـــ (حروف الجر)، أم كانت داخلة على الجمل والمفردات، نحو (حروف العطف).أمَّا أهم مواضع الربط في اللُّغة العربيَّة فهي([138]):
بهذا يتضح ما للربط بكل أشكاله من أثر في توجيه دلالات النصوص، وفي توجيه المعنى، إذ لا معنى للكلام دون ترابط بين أجزائه المختلفة، فالربط قرينة لفظيَّة تقوم بربط الكلمات بعضها ببعض في الجملة الواحدة، كما تربط بين الجمل لتكون الفقرات وتربط بين الفقرات لتكون النص الواحد، ويكون الربط بطرق معينة يحددها السِّياق.
خامساً: قرينة العلامة الإعرابيَّة:
ظاهرة الإعراب من أوضح الظواهر اللُّغوية في اللُّغة العربيَّة، ويقصد بها: "اختلاف أواخر الكلم باختلاف العوامل لفظاً أو تقديراً"([139])، وليس الإعراب أثراً شكليَّاً مختصَّاً بأواخر الكلم وحسب، إنَّما هو دليل على المعاني، " فكلُّ واحد من وجوه الإعراب دال على معنى، كما تشهد لذلك قوانين علم النحو"([140])، وقد شكَّلتْ العلامة الإعرابيَّة موضوعاً للجدل عند النحاة على اختلاف عصورهم وتوجهاتهم، فراحوا يستجمعون حججهم العقليَّة والمنطقيَّة من أجل إثبات أصالة الإعراب وأهميته في تشكيل المعنى والدَّلالة عليه.
ويمكن القول إنَّ جمهور النحويين يرون أنَّ العلامة الإعرابيَّة دليلٌ على المعنى، وأنَّ اختلاف الحركة دليلٌ على اختلاف المعاني، أو أنَّه عنصرٌ من عناصر تحديد المعنى، هذا ما عليه جُلّ النحويين.[141]
فالإعراب من أبرز سمات اللُّغة العربيَّة ومتى ذُكر النحو ذُكر الإعراب؛ إذ إنَّه من أبرز ظواهره وأدقّ مسائله، فهو يعين على توضيح المعاني، وهو وسيلة إيضاح للمتعلم؛ ليدرك بها تركيب الجمل، فالإعراب مقروناً بالكلام؛ لأنَّه أثٌر ظاهرٌ على آخر الكلمة أو مقدَّر.
أمَّا ما نُسب لقطرب المتوفي (206هـ) بما نقله عنه الزجاجي من عدم دلالة العلامة الإعرابيَّة على المعنى، فهو رأي يقبل النقاش والاحتمال، وقد تأمله بعض الباحثين، وفيه قال الدكتور محمد حماسة: ولم يذكر لنا الزجاجي عمَّن أخذ قول قطرب هذا، وقد كان رأي قطرب هذا كفيلاً بأن يثير كثيراً من الضجة حوله في عصره... غير أنَّ هذا كله حقيق بأنْ يثير قلق الباحث، ويدفعه لإعادة النظر في رأي قطرب المنسوب إليه.([142])، وقد ردَّ كثير من العلماء والباحثين هذا الرأي.([143])
وسواء أكانت العلامة الإعرابيَّة ذات دلالة على مذهب النحاة القدامى أم غير دالة بحسب مذهب قطرب المتفرد عن النحاة القدامى، فإن الذي لا خلاف فيه أن النصوص التي وصلتنا خلال مرحلة جمع اللُّغة، كانت في قمَّة التصرف الإعرابي منتظمة في شكلٍ لُّغوي دقيق وكان النص القرآني من بعد في غاية هذا التصرف الإعرابي الذي لا يساور فيه الشك إلا جاهلاً بالقراءات القرآنية، ، فالعلامة لإعرابية تحمل دلالة للمتلقِّي؛ لأنَّ المتكلم يستخدمها لنقل أفكاره.
والعلامة الإعرابيَّة قرينة لفظيَّة ملازمة لبنية الكلمة، وهي كما يقول الدكتور تمَّام حسَّان: "كبرى الدوال على المعنى"([144])، فهي قرينة في النظام التركيبي، تُعين على تحديد المعنى، وليست هي الدال الوحيد على المعنى، فهي جزء من كل، وقرينة من القرائن التي لها أهميَّة في بيان المعنى مع غيرها من القرائن.([145])
فهذه القرينة لها دورٌ ـــــــ لا شك فيه ـــــــ في فهم الأبواب النحْويَّة ولكنها بمفردها لا يمكن أن تكون عاملاً في فهم التركيب، إذ كيف يمكن لنا أن نُميِّز بها الأبواب النحْويَّة حين يكون الإعراب تقديراياً أو محلياً.([146]) وهذا ما أشار إليه الدكتور تمَّام حسَّان بقوله: "ولا أكاد أَمَلُ ترديد القول: إنَّ العلامة الإعرابيَّة بمفردها لا تعين على تحديد المعنى فلا قيمة لها بدون ما أسلفتُ القولَ فيه تحت اسم (تضافر القرائن)، وهذا القول صادق على كل قرينة أخرى بمفردها سواء أكانت معنويَّة أم لفظية"([147]).
لا شك أن المعاني الوظيفيَّة تعُبِّر عنها المباني الصرفيَّة، وهي في أساسها تتصف بتعدد المعاني، فالمبنى الصرفي الواحد بوسعه أنْ يعبِّر عن أكثر من معنى ما دام أنَّه غير متحقق بعلامة إعرابية ما، وهي بدورها لا تكفي، فلا بدَّ من وجود الكلمة في سياق ما؛ لتدل على المعنى الذي يقصده المتكلم، فالأثر الإعرابي قرينة لفظيَّة من جملة القرائن، فهي تعين على توضيح وظيفة الكلمة في التركيب حينما يقع الغموض بين عناصره.
وقد أشار العلماء إلى دلالة العلامة الإعرابيَّة فقالوا: "الرفع علم الفاعليَّة والنصب علم المفعوليَّة، والجر علم الإضافة"([148])، أو بمعنى أدق الرفع علم الإسناد والنصب علم التخصيص، والجر علم النسبة، وهذا تمييز مهمٌّ للعلامة الإعرابيَّة والحالة الإعرابيَّة، فـالعلامة الإعرابيَّة هي إحدى القرائن التي تساعد على تحديد الحالة الإعرابيَّة، وهذه العلامات هي الرفع والنصب والجر والجزم، ويندرج تحت هذه الأجناس الأصول والفروع، فالحركات هي الأصل في الإعراب، وما بعدها فروع، والحالة الإعرابيَّة هي الفاعليَّة أو المفعوليَّة أو الحالية أو الإضافة أو غيرها([149]).
إذا كان الإعراب لا يدل على المعنى النحويِّ للَّفظ المقصور، ولا المنقوص في حالتي الرفع والجر، ولا المبنيات، ولا الماضي والأمر من الأفعال ولا المضارع الناقص، في حالة الرفع، ولا المركبات العدديَّة، ولا الجمل ذوات المحل، ولا المصادر المؤولة عندها يتبين أنَّ العلامة الإعرابيَّة لا تستطيع أن تدل على جميع الأبواب النحْويَّة، وأنَّ دلالتها مقصورة على الأسماء المتمكنة والمضارع الصحيح الأخر، يضاف إلى ذلك أنَّ مطلق العلامة كالضمة أو الفتحة لا تدل على باب واحد وإنما قد تدل على أكثر من باب، فالمرفوع قد يكون فاعلاً، أو مبتدأ أو خبراً وهكذا([150]).
وهذا يؤكد ما تبناه الدكتور تمَّام حسَّان في نظريته في النحو العربي (تضافر القرائن) التي أعطى فيها للعلامة الإعرابيَّة المكان الصحيح والحيِّز المناسب، والعلاقة بين العلامة الإعرابيَّة والمعنى تكون على مستويين: مستوى الإنشاء ومستوى التلقي، فهي أداة في يد المتكلم يوجهها لأجل نقل ما يختلج في نفسه من تصورات ومفاهيم، فتكون أماراتٍ دالَّة بين المتكلم والمتلقي لرفع اللَّبس الذي قد يعتري الكلام أثناء الاتصال؛ أي أنَّ العلامة الإعرابيَّة تكون تابعة للمعنى في مرحلة إنشاء النص، وهي من جانب آخر متبوعة، ويتحدد معنى النص على ضوئها، وهذا يكون في مرحلة تلقي النص، الذي تكون فيه العلامة محدَّدة سلفاً؛ لأنَّها مقروءة أو مسموعة، فينطلق منها المتلقي إلى مدلولاتها، وهي هنا قرينة مهمة من قرائن المعنى.([151])
فقرينة العلامة الإعرابيَّة من القرائن التركيبيَّة التي توجِّه المعنى في النصوص؛ لذلك تتَّخذ مساحاتٍ واسعةٍ في توجيهها لمختلف أنواع النصوص، وتفتح المجال أمام الاحتمالات المختلفة للمعاني، كما أنَّ للسياق أثراً كبيراً في ترجيح العلامة الإعرابيَّة، إذ أنَّ الترجيح للقرينة غالباً ما يكون في ضوء سياق معين يوجه القرينة نحو دلالة محدَّدة.
خاتمة:
في خاتمة هذه الدراسة، وبعد عرض الباحثَيْنِ لدور القرائن في توضيح المعنى، ووظيفتها في فهم المقصود، لاسيَّما اللَّفظيَّة خلصا لمجموعة من النتائج على النحو التالي:
1/ مصطلح القرينة حديث، إلا أنَّ مفهومها قديم، تناوله نحاة العربيَّة الأوائل.
2/ عُرِفَتْ القرينة عند علماء العربيَّة السابقين الأولين بمسميات مختلفة أبرزها (الأمارة، الدلالة، الآية).
3/ القرائن النحْويَّة أبرز الدوال اللُّغوية وأكثرها استيعاباً للمعنى.
4/ المعنى المستكشف هو نتيجة للقرائن التي تقدمها اللُّغة، ويوظفها المنشيء ويستنير بها المتلقي.
5/ القرائن اللَّفظيَّة أكثر استخداماً من القرائن المعنويَّة في لُّغة العرب.
6/ للسياق تأثيرٌ غير خافٍ على مجمل القرائن؛ إذْ له أثٌر كبيرٌ في تحديد القرينة وفهمها والكشف عنها.
7/ تتعاضد القرائن اللَّفظيَّة للكشف عن مراد المتكلم ومقصود الكاتب.
8/ كثيراً ما يَعْظُمُ دور قرينة من القرائن في سياقٍ ما، بينما يتضاءل في سياقٍ آخر.
9/ القرائن اللَّفظيَّة خمسٌ هي: (الأداة، والتضام، والرتبة، والربط، والعلامة الإعرابيَّة).
10/ العلامة الإعرابيَّة وحدها غير كافية لتوضيح المعاني المقصودة، لكن لها الأثر الأكبر في ذلك.
هذا، ويوصي الباحثان بدراسة كل قرينة على حدة؛ حتى تجد كلُّ قرينةٍ نصيبَهَا من البحث والدراسة، كما حُظيتْ به قرينة الإعراب.
قائمة المصادر والمراجع:
[1] / معجم العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي، تحقيق مهدي المخزومي وإبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال، بلام ن، بلاط، بلا ت ط، ج5، ص 140-141.
[2] / معجم مقاييس اللُّغة، أحمد بن فارس، تحقيق عبد السلام هارون، دار الفكر، بيروت، ط 1979م، ج5، ص 76.
[3] / التعريفات، عبد القاهر الجرجاني، تحقيق محمد صديق المنشاوي، دار الفضيلة، القاهرة، بلاط، بلا ت ط، ص 146.
[4] / المحكم والمحيط الأعظم، أبو الحسن علي بن إسماعيل، تحقيق عبد الحميد هنداوي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 2000م ج6، ص 366.
[5] / لسان العرب، ابن منظور، ج13، ص 331- 337.
[6] / انظر: المصدر السابق، ج13، ص331. والصحاح تاج اللُّغة وصحاح العربيَّة، أبو نصر الجوهري، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، دار العلم للملايين، بيروت، ط4، 1407هـ - 1987م، ج6، ص 2181. وتاج العروس من جواهر القاموس، الزبيدي، دار الهداية، بيروت، بلاط، بلا ت ط، ج18، ص 449. والقاموس المحيط، مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي، مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة بإشراف محمد نعيم العرقسُوسي، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، ط8، 1426هـ - 2005م، ص1273.
[7] / الزخرف، الآية: 53. وإيراهيم، الآية: 49. والفرقان، الآية: 13. و ص، الآية:38.
[8]/ تفسير ابن فورك، محمد بن الحسن بن فورك الأنصاري، تحقيق مجموعة من الباحثين، جامعة أم القرى، المملكة العربيَّة السعوديَّة، ط1، 2009م، ج1، ص 87. والتبيان في تفسير القرآن، الطوسي، مؤسسة النشر الإسلامي، بلا م ن، ط2، 1431هـ، ج7 ص 358.
[9] / القرينة في اللُّغة العربيَّة، كوايزار كاكل عزيز، دار دجلة، عمان، ط1، 2009م، ص20.
[10] / لعلَّ أوَّل استعمال لمصطلح القرينة ورد عند الطبري، وذلك في النص الذي ذكره في تفسيره للآية (24) من سورة سبأ، قوله تعالى: "وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين"، قال: (وقال بعض نحوي الكوفة: معنى (أو) معنى (الواو) في هذا الموضع في المعنى، غير أن القرينة على غير ذلك)، جامع البيان في تأويل آي القرآن، محمد بن جرير الطبري، تحقيق أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، ط1، 2000م، ج20، ص403.
[11] / الكتاب، سيبويه، ج1، ص35.
[12] / انظر: المجاز في اللُّغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع، عبد العظيم المطعني، مكتبة وهبة، مصر، بلاط، بلا ت ط، ج2 ص776.
[13] / الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللُّغوية، أبو البقاء الكفوي، تحقيق عدنان درويش ومحمد المصري، مؤسسة الرسالة بيروت، ط2، 1998م، ص 734.
[14] / اكشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، محمد بن علي التهاوني، تحقيق علي دحروج، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، ط1، 1996م، ج2، ص 1315.
[15] / انظر: الجملة العربيَّة والمعنى، فاضل السامرائي، دار ابن حزم، بيروت، ط1، 2000م، ص59.
[16] / المعنى وظلال المعنى (أنظمة الدلالة في العربيَّة)، محمد يونس علي، دار المدار الإسلامي، بلا م ن، ط2، 2007م، ص318.
[17] / اللُّغة العربيَّة معناها ومبناها، تمَّام حسَّان، عالم الكتب، القاهرة، ط 6، 2009م، ص181.
[18] / القرائن والنص (دراسة في المنهج الأصولي في فقه النص)، أيمن صالح، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، الولايات المتحدة، ط1 2010م، ص 242.
[19] / اللُّغة العربيَّة معناها ومبناها، تمَّام حسَّان، ص181.
[20] / لا بدَّ من الإشارة إلى أن المراد بما لايدل على المقصود هو ما لا يدل على المعنى الحقيقي الذي وضع أصالة له، فالمعنى الحقيقي والمجازي مقصود من المتكلم، وإلا كيف يفهم المعنى من غير قصد. المعجم المفصل في علوم البلاغة (البديع والبيان والمعاني)، إنعام فوال عكاوي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1996م ص620.
[21] / معجم البلاغة العربيَّة، بدوي طبانة، دار المنارة، جدة، ط4، 1997م، ص 547.
[22] / انظر: المطول (شرح تلخيص المفتاح)، سعد الدين التفتازاني، تحقيق أحمد عزو عناية، دارإحياء التراث العربي، بيروت، ط1 بلا ت ط، ص )64 و566(.
[23] / المطول، سعد الدين التفتازاني، ص505.
[24] / القرائن عند الأصوليين، محمد بن عبد العزيز المبارك، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، ط1، 2005م، ص68.
[25] / انظر: شرح المفصل، موفق الدين ابن يعيش، تحقيق أميل بديع يعقوب، دار الكتب العلمية، لبنان، ط1، 2001م، ج1، ص197. وكشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، محمد بن علي التهاوني، ص 1315.
[26] / القرائن عند الأصوليين، محمد بن عبد العزيز المبارك، ص 101.
[27] / معجم لغة الفقهاء، محمد رواسي قلعجي و حامد صادق قنيبي، دار النفائس، بلا م ن، ط2، 1988م، ص362.
[28] / انظر: العلامة الإعرابيَّة في الجملة بين القديم والحديث، محمد حماسة عبد اللطيف، دار غريب، القاهرة، ط1، 2001م، ص112. والقرينة في اللُّغة العربيَّة، كوليزار كاكل عزيز، ص18.
[29] / العلامة الإعرابيَّة في الجملة بين القديم والحديث، محمد حماسة، ص112. و الجواز النحوي ودلالة الإعراب على المعنى، مراجع عبد القاسم الطلحي، منشورات جامعة قار يونس، ليبيا، بلاط، بلا ت ط، ص535.
[30] / دلائل الإعجاز في علم المعاني، عبد القاهر الجرجاني، تحقيق محمود محمد شاكر، دار المدني، جدة، ط3، 1992م، ص(81-82).
[31] / الخصائص، أبو الفتح عثمان بن جني، ج1، ص36.
[32] / انظر: العلامة الإعرابيَّة في الجملة بين القديم والحديث، محمد حماسة، ص 214.
[33] / القرائن النحْويَّة وإطراح العامل والإعرابين التقديري والمحلي(بحث)، تمَّام حسَّان، مجلة اللسان العربي، المغرب، مجلد11، ج1 ط 1974م، ص61.
[34] / للُّغة العربيَّة معناها ومبناها، تمَّام حسَّان، ص 188.
[35] / المصدر السابق، ص 189.
[36] / اللُّغة العربية معناها ومبناها، تمَّام حسَّان، ص189. وانظر القرائن النحْويَّة وإطراح العامل، تمَّام حسَّان، ص40.
[37] / اللُّغة العربيَّة معناها ومبناها، تمَّام حسَّان، ص 191.
[38] / الجواز النحوي ودلالة الإعراب على المعنى، مراجع عبد القاسم الطلحي، ص 561.
[39] / البيان في روائع القرآن، تمَّام حسَّان، عالم الكتب، القاهرة، ط2، بلا ت ط، ص11.
[40] / المصدر السابق، ص10.
[41] / اللُّغة العربيَّة معناها ومبناها، تمَّام حسَّان، ص190. والقرائن النحْويَّة وإطراح العامل، تمَّام حسَّان، ص41.
[42] / نظام الارتباط والربط في تركيب الجملة العربيَّة، مصطفى حميدة، الشركة المصرية العالمية للنشر، القاهرة، ط1، 1997م، ص 68.
[43] / انظر: العربيَّة وعلم اللُّغة البنيوي، حلمي خليل، دار المعرفة الجامعية، بلا م ن، ط1، 2000م، ص319.
[44] / انظر: نظام الارتباط والربط في تركيب الجملة العربيَّة، مصطفى حميدة، ص 158. والمعنى وظلال المعنى، محمد يونس علي ص320.
[45] / اللُّغة العربيَّة معناها ومبناها، تمَّام حسَّان، ص178. والقرائن النحْويَّة وإطراح العامل، تمَّام حسَّان، ص38.
[46] / المصدر السابق، ص38.
[47] / الأصول (دراسة ابيستيمولوجية للفكر النحوي عند العرب)، تمَّام حسَّان، دار الشؤون الثقافية، العراق، ط1988م، ص 325.
[48] / انظر: مقالات في اللُّغة والأدب، تمَّام حسَّان، عالم الكتب، القاهرة، ط1، 2006م، ج2، ص 86.
[49] / انظر: المعنى وظلال المعنى، محمد يونس علي،ص320. والقرينة في اللُّغة العربيَّة، كوليزار كاكل، ص 39.
[50] / الخصائص، ابن جني، ج1، ص34.
[51] / الفونيم: هو أصغر وحدة صوتية يستطيع المرء تغيرها في الكلمة، وتأثيره في الدلالة يكون عند تغيره في الكلمة، والاتجاه الغالب عند الباحثين أن لا تأثير له على التركيب، انظر: معجم الصوتيات، رشيد العبيدي، ديوان الوقف السني، العراق، ط1، 2007م، ص (132-133). والمورفيم: هو السوابق واللواحق والحشو من العلامات المميزة بين المعاني والدلالت، وتغيره يعني تغيير دلالة التركيب انظر: المصدر السابق، ص (198-199).
[52] / انظر: مدخل إلى علم اللُّغة، محمد حسن عبد العزيز، دار النمر للطباعة، القاهرة، ط 1991م، ص14.
[53] / في المعنى النحوي والمعنى الدلالي، خالد إسماعيل حسان، مكتبة الآداب، القاهرة، ط1، 2009م، ص 126.
[54] / انظر: الدلالة السِّياقية عند اللُّغويين، عواطف كنوش المصطفى، دار السياب، لندن، ط1، 2007م، ص 37.
[55] / أقسام الكلام العربي من حيث الشكل والوظيفة، فاضل مصطفى الساقي، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط 1977م، ص 180.
[56] / رصف المباني في شرح حروف المعاني، أحمد بن عبد النور المالقي، تحقيق أحمد محمد الخراط، دار القلم، دمشق، ط3 2002م، ص2.
[57] / دراسات في الأدوات النحْويَّة، مصطفى النحاس، شركة الربيعان، الكويت، ط1، 1979م، ص 26.
[58] / انظر: أقسام الكلام العربي، فاضل مصطفى الساقي، ص 262
[59] / انظر: لسان العرب (أدو)، ابن منظور، ج14، ص24.
[60] / انظر: تاج العروس (أدو)، الزبيدي، ج37، ص51.
[61] / انظر: مقاييس اللُّغة (أدو)، أحمد بن فارس، ج1، ص73.
[62] / دراسات في الأدوات النحْويَّة، مصطفى النحاس، ص 24.
[63] / أثر القرائن في توجيه المعنى في تفسبر البحر المحيط، أحمد خضير عباس، أطروحة دكتوراة، كلية الآداب، جامعة الكوفة 2010م، ص 207.
[64] / الجنى الداني في حروف المعاني، أبو محمد بدر الدين المرادي، تحقيق فخر الدين قباوة ومحمد نديم فاضل، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1992م، ص19.
[65] / القرينة في اللُّغة العربيَّة، تمَّام حسَّان، ص122.
[66] / انظر: دراسات في الأدوات النحْويَّة، مصطفى النحاس، ص13.
[67] / انظر: الأدوات النحْويَّة في كتب التفسير، محمود أحمد الصغير، دار الفكر المعاصر، بيروت، ط1، 2001م، ص 915.
[68] / التحليل النحوي أصوله وأدلته، فخر الدين قباوة، الشركة المصرية العالمية، مصر، ط1، 2002م، ص 216.
[69] / انظر: الخلاف النحوي في الأدوات، عامر فائل محمد بلحاف، عالم الكتب الحديث، الأردن، ط1، 2011م، ص19.
[70] / الإتقان في علوم القرآن، جلال الدين السيوطي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مصر ط1974م، ج2، ص 166.
[71] / انظر: الخلاف النحوي في الأدوات، عامر فائل محمد بلحاف، ص 19.
[72] / نظر: دروس في علم الأصول، محمد باقر الصدر، منشورات دار الصدر، ط7، 1434هـ، ج1، ص89.
[73] / نظر: اللُّغة العربيَّة معناها ومبناها، تمَّام حسَّان، ص 125.
[74] / المصدر السابق، ص 123.
[75] / انظر: القرينة في اللُّغة العربيَّة، كوليزار كاكل، ص 123.
[76] / انظر: أقسام الكلام العربي، فاضل مصطفى الساقي، ص (264-265).
[77] / نظريَّة أدوات التعريف والتنكير وقضايا النحو العربي، غراتشيا غابوتشان، تحقيق جعفر دك الباب، مطابع مؤسسة الوحدة، سوريا، ط 1980م، ص203.
[78] / انظر: النحو والسِّياق الصوتي، أحمد كشك، ص38.
[79] / المعنى وظلال المعنى، محمد يونس علي، ص333.
[80] / انظر: الكتاب، سيبويه، ج2، ص310.
[81] / نظر: اللُّغة العربيَّة معناها ومبناها، تمَّام حسَّان، ص 217. ولغة الشعر (دراسة في الضرورة الشعرية)، محمد حماسة عبد اللطيف، دار الشروق، القاهرة، ط1، 1996م، ص 232. والموقعية في النحو العربي (دراسة سياقية)، حسين رفعت حسين، عالم الكتب، القاهرة، ط1، 2005م، ص25. والمنوال النحوي العربي (قراءة لسانية جديدة)، عز الدين مجدوب، كلية الآداب، سوسة، دار محمد علي الحامي، تونس، ط1، 1998م، ص270.
[82] / قسم الدكتور تمَّام حسَّان التضام بدءاً على قسمين: التوارد والتلازم، وقد اغفل دراسة تضام التوارد؛ لأنه أقرب إلى الدراسات البلاغية، فهو ليس من القرائن النحْويَّة، بقي التلازم ويتفرع عنه التنافي، وهذا التضام قرينة نحوية لفظية، وهو المقصود من التضام النحوي، انظر: اللُّغة العربيَّة معناها ومبناها، تمَّام حسَّان، ص (216-217).
[83] / انظر: أثر القرائن في التوجيه النحوي عند سيبويه، لطيف حاتم الزاملي، ص173.
[84] / البيان في روائع القرآن، تمَّام حسَّان، ج1، ص 89.
[85] / انظر: الخلاصة النحْويَّة، تمَّام حسَّان، عالم الكتب، القاهرة، ط1، 2000م، ص 81. والنحو الأساسي، محمد حماسة وآخرون، ص 201.
[86] / انظر: الموقعية في النحو العربي، حسين رفعت حسين، ص 70.
[87] / انظر: اللُّغة العربيَّة معناها ومبناها، تمَّام حسَّان، ص220. والخلاصة النحْويَّة، تمَّام حسَّان، ص(80-81). والتضام والتعاقب في الفكر النحوي، نادية رمضان النجار (بحث)، مجلة علوم اللُّغة، مصر، مجلد3، العدد4، 2000م، ص109.
[88] / انظر: البيان في روائع القرآن، تمَّام حسَّان، ج1، ص 89. والموقعية في النحو العربي، حسين رفعت حسين، ص33. والتضام والتعاقب في الفكر النحوي نادية رمضان النجار، ص114.
[89] / انظر: الموقعية في النحو العربي، حسين رفعت حسين، ص 30.
[90] / المصدر السابق، ص30.
[91] / انظر: مبادئ اللسانيات، أحمد محمد قدور، ص 292.
[92] / انظر: الموقعية في النحو العربي، حسين رفعت حسين، ص31.
[93] / انظر: البيان في روائع القرآن، تمَّام حسَّان، ج1، ص89. والخلاصة النحْويَّة، تمَّام حسَّان، ص80. والموقعية في النحو العربي، حسين رفعت حسين، ص55. و التضام والتعاقب في الفكر النحوي، نادية رمضان النجار، ص114.
[94] / انظر: الموقعية في النحو العربي، حسين رفعت حسين، ص 61.
[95] / انظر: اللُّغة العربيَّة معناها ومبناها، تمَّام حسَّان، ص(217-221). والنحو والسِّياق الصوتي، أحمد كشك، ص36.
[96] / اللُّغة العربيَّة معناها ومبناها، تمَّام حسَّان، ص 221.
[97] / المصدر السابق، ص 221. والبيان في روائع القرآن، تمَّام حسَّان، ج1، ص (89-90). و التضام والتعاقب في الفكر النحوي، نادية رمضان النجار، ص(118-119).
[98] / انظر: التضام وقيود التوارد، تمَّام حسَّان (بحث)، مجلة المناهل، المغرب، السنة الثالثة، العدد6، 1976م، ص 103.
[99] / انظر: اللُّغة العربيَّة معناها ومبناها، تمَّام حسَّان، ص 223.
[100] / التضام وقيود التوارد (بحث)، تمَّام حسَّان، ص101.
[101] / انظر: البيان في روائع القرآن، تمَّام حسَّان، ج1، ص 109.
[102] / الاحتمالات اللُّغوية المخلة بالقطع وتعارضها عند الأصوليين، كيان أحمد حازم، دار المدار الإسلامي، بيروت، ط1، 2013م، ص 431.
[103] / أقسام الكلام العربي، فاضل مصطفى الساقي، ص186.
[104] / الجملة في القرآن الكريم (دراسة أسلوبية دلالية)، عدنان خالد المرابحي، ديوان الوقف السني، بغداد، ط1، 2013م، ص106.
[105] / متن ألفية ابن مالك، محمد بن عبد الله بن مالك، ص9.
[106] / انظر: نظريَّة الأصل والفرع في النحو العربي، حسن خميس الملخ، دار شروق، عمان، ط1، 2001م، ص25.
[107] / انظر: الجملة العربيَّة تأليفها وأقسامها، فاضل السامرائي، ص35.
[108] / المقتضب، أبو العباس المبرد، ج1، ص46.
[109] / أقسام الكلام العربي، فاضل مصطفى الساقي، ص186.
[110] / انظر: لغة الشعر دراسة في الضرورة الشعرية، محمد حماسة عبد اللطيف، ص286. والموقعية في النحو العربي، حسين رفعت حسين، ص92
[111] / أقسام الكلام العربي، فاضل مصطفى الساقي، ص188.
[112] / انظر: في النحو العربي قواعد وتطبيق، مهدي المخزومي، ص87.
[113] / العلامة الإعرابيَّة في الجملة بين القديم والحديث، محمد حماسة عبد اللطيف، ص314.
[114] / انظر: اللُّغة العربيَّة معناها ومبناها، تمَّام حسَّان، ص209.
[115] / الخصائص، ابن جني، ج1، ص36.
[116] / انظر: اللُّغة العربيَّة معناها ومبناها، تمَّام حسَّان، ص207. وأقسام الكلام العربي، فاضل مصطفى الساقي، ص188. والموقعية في النحو العربي، حسين رفعت حسين، ص126.
[117] / البيان في روائع القرآن، تمَّام حسَّان، ج1، ص 67.
[118] / الزمر، الآية: 43.
[119] / انظر: الخلاصة النحْويَّة، تمَّام حسَّان، ص80.
[120] / أنظمة الربط في العربيَّة (دراسة في التراكيب السطحية بين النحاة والنظريَّة التوليدية التحويلية)، حسام البهناوي، مكتبة زهراء الشرق، القاهرة، ط1، 2003م، ص16.
[121] / انظر: في المعنى النحوي والمعنى الدلالي، خالد إسماعيل حسان، ص115.
[122] / انظر: أصول تحليل الخطاب في النظريَّة النحْويَّة العربيَّة (تأسيس نحو النص)، محمد الشاويش، المؤسسة العربيَّة للتوزيع، تونس ط1، 2001م، ج1، ص423.
[123] / أنظمة الربط في العربيَّة، حسام البهناوي، ص45.
[124] / انظر: الخلاصة النحْويَّة، تمَّام حسَّان، ص88. ومقالات في اللُّغة والأدب، تمَّام حسَّان، ج1، ص(46 ،174). والموقعية في النحو العربي، حسين رفعت حسين، ص158.
[125] / في المعنى النحوي والمعنى الدلالي، خالد إسماعيل حسان، ص116.
[126] / انظر: مقالات في اللُّغة والأدب، تمَّام حسَّان، ج1، ص195.
[127] / الخلاصة النحْويَّة، تمَّام حسَّان، ص90.
[128] / انظر: مقالات في اللُّغة والأدب، تمَّام حسَّان، ج1، ص195.
[129] / البيان في روائع القرآن، تمَّام حسَّان، ج1، ص137. وانظر: خواطر من تأمل لغة القرآن الكريم، تمَّام حسَّان، عالم الكتب، القاهرة ط1، 2006م، ص35.
[130] / شرح الرضي على الكافية، رضي الدين محمد بن الحسن الأسترآباذي، تحقيق يوسف حسن عمر، جامعة قار يونس، ليبيا، ط 1975م، ج1، ص238.
[131] / انظر: اللُّغة العربيَّة معناها ومبناها، تمَّام حسَّان، ص215.
[132] / مبادئ اللسانيات، أحمد محمد قدور، ص289.
[133] / انظر: اللُّغة العربيَّة معناها ومبناها، تمَّام حسَّان، ص213.
[134] / انظر: المصدر السابق، ص(211-212). والخلاصة النحْويَّة، تمَّام حسَّان، ص (95-96). والمنهج الوصفي في كتاب سيبويه، نوزاد حسن أحمد، دار دجلة، عمان، ط1، 2007م، ص251.
[135] / انظر: المعجب في علم النحو، رؤوف جمال الدين، مطبعة الآداب، النجف الأشرف، ط1، 1398هـ، ص(100-101).
[136] / انظر: مقالات في اللُّغة والنحو، تمَّام حسَّان، ج1، ص189.
[137] / انظر: دراسات في الأدوات النحْويَّة، مصطفى النحاس، ص26.
[138] / انظر: اللُّغة العربيَّة معناها ومبناها، تمَّام حسَّان، ص213. والمعنى وظلال المعنى، محمد يونس علي، ص337. وأنظمة الربط في العربيَّة، حسام البهناوي، ص45.
[139] أسرار العربيَّة، ابن الأنباري، ص32. وانظر: شرح الجمل في النحو، عبد القاهر الجرجاني، تحقيق خليل عبد القادر عيسى الدار العثمانية، عمان، ط10، 2001م، ص 133
[140] / مفتاح العلوم، يوسف بن أبي بكر السكاكي، تحقيق نعيم زرزور، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1987م، ص251.
[141] / انظر: دلالة الإعراب لدى النحاة القدماء، بتول قاسم ناصر، دار الشؤون الثقافية، بغداد، ط1، 1999م، ص48. والمعنى وظلال المعنى، محمد يونس علي، ص325.
[142] / من العلماء المحدثين مَنْ تأثر برأي قطرب ومن أشهرهم: الدكتور إبراهيم أنيس في كتابه (من أسرار اللُّغة)، وتبعه فؤاد ترزي في كتابه (في أصول اللغو والنحو)، وجبر ضومط في كتابه (فلسفة اللُّغة العربيَّة)، وداؤود عبده في كتابه (أبحاث في اللُّغة العربيَّة).
[143] / انظر: الإيضاح في علل النحو، الزجاجي، ص70
[144] / اللُّغة العربيَّة معناها ومبناها، تمَّام حسَّان، ص232.
[145] / انظر: الدلالة السِّياقية عند اللُّغويين، عواطف كنوش، ص12.
[146] / النحو والسِّياق الصوتي، أحمد كشك، ص28.
[147] / اللُّغة العربيَّة معناها ومبناها، تمَّام حسَّان، ص207.
[148] / شرح الرضي على الكافية، رضي الدين محمد بن الحسن، ج1، ص69. وانظر: شرح المفصل، ابن يعيش، ج1، ص196.
[149] / انظر: أثر القرائن في التوجيه النحوي عند سيبويه، لطيف حاتم الزاملي، ص149. والعلامة الإعرابيَّة في الجملة بين القديم والحديث، محمد حماسة عبد اللطيف، ص230.
[150] / أقسام الكلام العربي من حيث الشكل والوظيفة، فاضل مصطفى الساقي، ص183
[151] / انظر الأحكام النحْويَّة بين النحاة وعلماء الدلالة، دليلة مزوز، ص84. وانظر الشكل والدلالة (دراسة نحوية للفظ والمعنى)، عبد السلام السيد حامد، دار غريب، القاهرة، 2002م، ص62.