Beginnings of Al-Fayturi poetry between defending them to the Lack of their incorporation in his poetic office

بواكير شعر الفيتوري بين دفاعه عنها وعدم تضمينها دواوينه

إعداد : د. أسامة تاج السر أحمد حُسین
Dr. Osama Tajalsir Ahmad Hussein

Assistant professor, University of Khartoum, Faculty of Arts, Arabic Language Department

Visiting Assistant Professor- Faculty of Ahmad Ibn Mohammed- Qatar

أستاذ مساعد ـ جامعة الخرطوم ـ كلية الآداب ـ قسم اللغة العربيّة
أستاذ مساعد زائر ـ كلية أحمد بن محمد ـ قطر

DOI:10.55559/sjaes.v1i03.15Received: 04.07.2022 | Accepted: 10.07.2022 | Published: 13.07.2022

Abstract:

This study aimed to shed light on Al-Fayturi between the stages of his accustom and defense of his poetry before critique, to the lack of his recognition with it in the later stage through his poetry that is published in Arabic journals, focusing particularly on his poetry in Elresala Journal between (1950-1955 A.D.) which is the period that preceded the publication of his first office (African Songs). The study followed a descriptive method. The study consisted of an introduction and two sections. The first section investigates Al-Fayturi’s defense of his poetry before the critics and the second deals with the motives behind his disinterest in publishing this poetry in his poetic office. The most important findings of this study are: since 1947 A.D, Al-Fayturi has worked on publishing his poetry in grand journals, and the Journal of Culture has taken greater advantage among Arab journals. Between 1951-1952, A.D Al-Fayturi published six poems. Based on what has been investigated, he neglected most of them in his poetic office, the poems of Al-Fayturi have been greatly criticized and in most cases, he himself defended these poems; only in a few cases, others have defended his poems on behalf of him. The poems of Al-Fayturi published in Alresala have received greater criticism than their counterparts in culture and Arts. This may be due to the editorial policy of these journals. The study recommends tracking Arabic and Sudanese journals to extract the ruins of neglected poets in terms of poetry and critique and to study Sudanese poetry from a more critical and comprehensive perspective.

Keywords: Al-Fayturi, Poetry, message

Electronic reference (Cite this article):

Hassan د. أ. ت. ا. أ. (2022). Beginnings of Al-Fayturi poetry between defending them to the Lack of their incorporation in his poetic office. Sprin Journal of Arabic-English Studies1(03), 140–153. https://doi.org/10.55559/sjaes.v1i03.15

Copyright Notice:

© 2022 The Author(s). This is an open-access article published by Sprin Publisher under the Creative Commons Attribution 4.0 International (CC BY 4.0) license.https://creativecommons.org/licenses/by/4.0/

:مستخلص

عنوان الدراسة: بواكير شعر الفيتوري بين دفاعه عنها وعدم تضمينها دواوينه

هدفت هذه الدراسة إلى الوقوف عند بواكير شعر الفيتوري بين اعتداده به ودفاعه عنه أمام النقد، إلى عدم تضمينه دواوينه الشعريّة، وذلك من خلال الوقوف عند شعره المنشور في المجلات العربيّة، بالتركيز على شعره في مجلة الرسالة بين عامي (1950م ـ 1955م)، وهي الفترة التي سبقت نشر ديوانه الأول (أغاني إفريقيا). نهجت الدراسة المنهج الوصفي. وقد جاءت الدراسة في مقدِّمة ومبحثين اثنين، تناول أولهما دفاع الفيتوري عن شعره أمام النقد، وثانيهما دوافع إهماله نشر هذا الشعر في دواوينه. ومن أهمِّ نتائج هذه الدراسة:

توصي الدراسة بتتبع المجلات العربيّة والسودانيّة واستخراج آثار الشعراء المهملة، شعرًا ونقدًا، حتى تكون النظر للشعر السودانيّ ونقده نظرةً شاملة.

كلمات مفتاحية: الفيتوري، الشعر، الرسالة

المقدِّمة:

تُوقفنا هذه الدراسة على فترة العشرينات الأولى من حياة الفيتوري (1926م ـ 2015م)، وهي الفترة الممتدة من العام 1947م إلى 1955م، والتي شهدت بواكير إنتاجه الشعريّ والنَّقديّ معًا، وهي الحلقة المفقودة في مشروعه، والتي تعمل هذه الدراسة على كشفها، وإبرازها للباحثين، من أجل اكتمال هذا المشروع الفكريّ شعرًا ونقدًا.

 كان الفيتوري ينشر شعره في المجلات العربيّة، بين: الثقافة، والآداب، والرسالة، مثلما كان يفعل أقرانه من الشعراء، لما تمثِّله هذه المجلّات من ذيوع وشهرة على مستوى الوطن العربيّ كلِّه. وهو ما أثار موجات من النقد، كان يثيرها الشعراء أنفسهم حول أشعار أقرانهم، فينبري الشاعر للدفاع عن شعره أمام مباضع النَّقد، وكان ـ بالمِثل ـ يوجِّه سهام نقده إلى أشعارهم، وبذا اكتسب الشاعر قوة على كلا مستويي الشعر والنَّقد، تعكس مدى فهمه لمعنى الشعر وحقيقته.

هذه الفترة من حياة الفيتوريّ تمثل اللبنة الأولى من مراحل تطوره شاعرًا وناقدًا، إذ كان شعره في مجلة الرسالة ـ أكثر من غيرها ـ يجد حظّه من النَّقد والتَّساؤل، ما دفعه ـ في كثير من المرات ـ للدفاع عن شعره الذي كان يعتدُّ به اعتدادًا شديدًا، يظهر في موضوعاته من ناحية، وفي دفاعه عنه من ناحية أخرى. ويقف المبحث الأول من هذه الدراسة عند دفاع الفيتوري عن شعره وما أثاره من نقد حول أشعار معاصريه، ما يمثِّل لبنة أولى من لبنات الفيتوري ناقدًا.

وعلى إيمان الفيتوري بشاعريَّته في كلِّ مراحل حياته، إلا أنَّه عمل لاحقًا على تقسيم هذا الشعر ـ المنشور قبل إصدار ديوانه الأول ـ إلى قسمين: أما القسم الأول فهو الذي أثبته في ديوانه الأول (أغاني إفريقيا)، وأمَّا القسم الثاني، فهو الذي أهمله وأعرض عنه، ولم ينشره في أيٍّ من دواوينه، وهو عدد يفوق السبع عشرة قصيدة ـ غير القصائد التي لم يعثر عليها الباحث بعد ـ ما يُمثِّل ديوانًا شعريًّا مكتملًا، وقد وقف المبحث الثاني من هذه الدراسة عند هذا الشعر، لبيان قيمته من ناحية، وإبراز سبب إهمال الفيتوري إياه وعدم تضمينه دواوينه من ناحية أخرى.

أهداف البحث:

هدفت الدراسة إلى الوقوف عند المرحلة الأولى من حياة الفيتوري الأدبيّة، وهي فترة مجهولة لدى أغلب النقاد والباحثين، وتكمن أهميّتها في كونها تمثل البدايات الأولى بين الشعر والنقد، ومن أهداف هذه الدراسة إظهاره شاعرًا وناقدًا، بالتعويل على شعره الذي لم يُضمِّنه دواوينه.

أهميّة البحث:

تكمن أهمّية هذه الدراسة في كونها تقف عند الفترة المجهولة من حياة الفيتوري، والتي أهملها الشاعر، فأهملها النقد. ما يجعلها الدراسة الأولى التي تتناول المعالم الأولى لتشكل الفيتوري شاعرًا وناقدًا. دون إهمال مقالة الناقد المصري شعبان يوسف، التي جاءت تحت عنوان "محطات مجهولة من سيرة الفيتوري" فمهدت الباب أمام الباحث، واتخذها بوصلة تشير إلى هذه البدايات، حتى استوفى قدرًا صالحًا منها.

منهج البحث:

زاوجت الدراسة بين أكثر من منهج، بحسب مقتضياتها، للوقوف عند آراء الفيتوري التي دافع بها عن شعره، أو التي وجَّهها لقصائد معاصريه الشُّعراء. وقد كان المنهج الوصفي منهجًا أصيلًا في تحليل قصائده التي أهملها، من أجل بيان قيمتها ـ منفصلة من ناحية، وبيان قيمتها بالنسبة لمشروع الفيتوري الشعري من ناحية ثانية.

المبحث الأول: دفاع الفيتوري عن شعره أمام النَّقد:

منذ العام 1947م والفيتوري ينشر شعره في كبريات المجلات العربيّة، وقد تركز هذا النشر في ثلاث مجلات مهمّة، هي: الثقافة، والآداب، والرسالة. وقد تجاوزت قصائده المنشورة في هذه المجلات الثلاثين قصيدة، نشر بعضها في ديوانه الأول، وأهمل أكثرها فلم تظهر في أيٍّ من دواوينه.

أخذت قصائد الفيتوري التي نشرها في مجلة الرسالة حظها من النَّقد أكثر من غيرها التي نشرها في الثقافة والآداب، وقد يكون مردّ ذلك لنهج هذه المجلات، إذ فتحت الرسالة الباب واسعًا أمام ناشئة الأدباء، شعرًا ونقدًا، فنالت قصائد الفيتوري حظَّها من النَّقد، وقد تجاوب مع هذا النَّقد مدافعًا عن شعره، ما شكّل اللبنات الأولى من نقد الفيتوري في خمسينيّات القرن العشرين، ما يجعلها تعبّر عن حقبة محدَّدة من حياته، وهي الحقبة الأهمّ؛ لأنّها شكَّلته شاعرًا وناقدًا.

ما يجدر قوله إنّ هنالك نفرًا ثلاثة كان لهم النصيب الأكبر من إثارة الأسئلة، ورد الفيتوري عليها، وهم: عفيف الحسيني من سوريا، وكيلاني حسن سند من مصر، وعبد القادر رشيد الناصري من العراق، وهم من تركّز عليهم الدراسة أكثر من غيرهم، لأهميّة ما أثاروه من ناحية، ورد الفيتوري عليهم من ناحية أخرى.

الفيتوري وعفيف الحسينيّ:

وجه عفيف الحسيني نقدًا لقصيدة "النور الحائر"، متسائلًا أولًا عن مدى التطابق بين العنوان ومعنى القصيدة، قافزًا إلى نقد أحد أبياتها بقوله[1]: "القصيدة جيدة جعلتني أهمهم بها مرّات، وقد لفت نظري بيت محجوب بالغموض، ولا أقول بالخطأ، لأنّ الشاعر قد يؤوله إلى الصواب قال: - وهو يناجي الرب -

يا أيُّها الأزلُ المحجوبُ بالقِدَمِ يا أيُّها الأبدُ المستورُ بالعدمِ

ثم يتوجه إلى الشاعر قائلًا[2]: "إني أسأل الشاعر: هل يجوز وصف الله بالأزل والأبد بدون نسبة، أي الأزليّ والأبديّ؟ وما معنى الأزل المحجوب بالقدم؟ مع أنّ كلا اللفظين مترادفان؟ ثم ما هو المراد بالأبد المستور بالعدم. أظن البلاء جاء من القافية".

كانت القصيدة التي يشير إليها عفيف الحسينيّ هي السادسة بين القصائد التي نشرها الفيتوري في الرسالة، فردّ عليه مؤكدًا جواز الوصف دون نسبة[3]: "وأنا أجيب حضرته بأنّه لا مانع مطلقًا من ذلك. بل ربما كان أبلغ في الدلالة على المعنى المراد. فإنك حين تقول إن فلانًا (جمال) أو (كمال) أبلغ وأعمق مما لو قلت إنه (جماليّ) أو (كماليّ) ففي الصيغة الأولى جعلته هو (الكليّ) بعينه، بينما هو في الثانية جزء من (كلّ). ومما قالوه قديمًا وأنشده سيبويه:

لستُ بِليليٍّ ولكني (نهر) ... لا أدلج الليل ولكن أبتكر

نلحظ أنّ الفيتوري قد قسّم السؤال إلى شطرين، أجاب عن كليهما بمعرفة ودراية، والفرق بين المنسوب والمنسوب إليه أحد فروق ثلاثة لخصها النحاة بقولهم[4]: "وتشبه ياءُ النَّسبِ تاءَ التَّأْنِيث من ثَلَاثَة أوجهٍ: أَحدهَا أنَّه ينقلُ الجنسَ إِلَى الْوَاحِد مثل زَنْج وزَنْجيّ...والثَّاني أنَّها تنقل الاسمَ من الأصلِ إِلَى الْفَرْع فالأصلُ الِاسْم والفرعُ الصّفةُ كَمَا تنقل التاءَ من التَّذْكِير إِلَى التَّأْنِيث، والثالثُ أَنَّهَا تصير حرفَ الْإِعْرَاب كَمَا أنَّ التَّاء كَذَلِك"، وما يهمنا منها الفرق الثاني. فيكون نداء الجليل بأنه الأزل والأبد متوافقًا مع ما رواه أبو هريرة[5]: "لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ أَنَا الدَّهْرُ...".

وفي الردّ على الشطر الثاني من السؤال، يقول الفيتوري[6]: "أما سؤال الأديب عن معنى الأزل المحجوب بالقدم مع ترادف اللفظين، أفلا يرى معي الأديب أن لله قدمه المطلق، وأن الوجود له قدمه النسبيّ؟ وأننا كلما دفعنا حبُّ المعرفة إلى محاولة استجلاء ذاته المقدسة حجبه قدمه وقدم العالم عن مداركنا!، ولا أحسب الأديب في حاجة إلى أن أهديه إلى معنى الأبد المستور بالعدم بعد هذا الذي ذكرت. ومن ثم يتضح له أن لا غموض ولا خطأ في البيت. وأن القافية مظلومة، ظلمها عدم الروية وقصور الأناة".

لا يخفى الجانب الصوفيّ والبعد الدينيّ الفلسفيّ الذي أظهره الفيتوري، سواء في القصيدة، أم في الردّ الذي دافع به عنها. ونرى في هذه القصيدة النواة الأولى من ملامح التصوف عند الفيتوري، والتي طغت عليها نزعته الواقعيّة وأخفتها، فأخرت بروزها إلى مرحلة لاحقة، انفجرت في ديوانه "معزوفة درويش متجول".

يعود عفيف الحسيني متسائلًا كرّة أخرى في قصيدة جديدة عن معنًى جديد[7]: "نشرت الرسالة في عددها (977) قصيدة بعنوان (خطوط) للأستاذ محمد مفتاح الفيتوري، فدفعني جمال شعره إلى إنعام النظر فيه، والتعقيب عليه بكلمه لا تفي بما يدور في القلب؛ ومن العلامات الرئيسيّة على مكانة الشعر في النفوس، ووقعه الجميل في القلوب، النقد البريء له وإبداء الرأي الصحيح فيه". ثم تساءل عن وصف الحصير العتيق عند الفيتوري حين يقول:

حصيرٌ تقادمَ حتى يكاد يخضرُّ يرجعُ عشبًا نضيرْ

فقال[8]: "وكما تعلم أن الحصير المتقادم يسودُّ ويعفن إن كانت هناك رطوبة، كما هو شأن حصر الفقراء، وكيف يكاد يخضرُّ ويعود إلى عشب نضير؟".

جاء ردّ الفيتوري[9]: "عقب الأديب السوريّ الفاضل الأستاذ عفيف الحسيني على قصيدتي (خطوط) بكلمة نقد رقيقة، وشاها بما شاء له أدبه من جميل الشعور وجمال التعبير، ولقد رأيت أن أعقب على تعقيبه، بذكر وجهة نظري فيما أخذه حضرته على البيت: حصير تقادم ...".

إنَّ أول ما يلفت انتباهنا ههنا وجهًا فيتوريًّا سمحًا لا يكاد يظهر أمام من يحاول الوقوف أمام شاعريّته أو الانتقاص منها، ومواقفه في هذا الجانب أوضح من أن يُدلل عليها بشاهد، ما يُشير إلى أنّ قناع الشراسة الذي لبسه كان جزءًا من تقديسه الكبير لما يكتب، وإيمانه بمشروعه الذي سار عليه.

ثم يُعقّب على سؤال عفيف الحسيني[10]: "أنا لا أخالف الأستاذ في أن الحصير المتقادم يسود إذا كان في مكان رطب، ولكن ألا يرى معي أنّنا لو وضعنا كلًّا من كلمتي (يسودّ ويخضرّ) في كفتي الميزان الذوقيّ لكانت الأخيرة أرجح وأسمح؟ ومعروف للجميع أن العرب يتخذون (الفعلين) طريقًا إلى معنى واحد هو شدة الاخضرار...".

وقد استشهد على صحّة رأيه بقوله تعالى: (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ (62) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (63) مُدْهامَّتانِ (64) الرحمن. ومن شواهد اللغويّين على التعبير عن السواد أو الاسمرار بالخضرة، وقفة المبرد عند قول حسان بن ثابت يهجو مسافعًا من عدة أبيات[11]:

أو في الذؤابة من تيم رضيت بهم ... أو من بني خلف الخضر الجلاعيد

فقال المبرد: "وقوله: "الخضر الجلاعيد" يقال: فيه قولان: أحدهما أنه يريد سواد جلودهم، كما قال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهبٍ[12]:

وأنا الأخضر من يعرفني أخضر الجلدة في بيت العرب

فهذا هو القول الأول...". ويزيد الجوهري في إيضاح المعنى بما يتوافق والمعنى الذي أراده الفيتوري[13]: "والخضراء: السماء. ويقال: كتيبةٌ خضراءُ، للتي يعلوها سَوادُ الحديد. وفي الحديث: "إيّاكُمْ وخضْراءُ الدِّمَنِ"، يعني المرأة الحسناءَ في مَنْبِتِ السَوْء".

آخر ما جاء من تساؤلات عفيف الحسيني قوله[14]: "ويسند [الفيتوري] في بيت آخر الإهراق إلى (معول) فيقول:

ويُهرق معوله في ترابٍ لياليه مُحتفرًا رمسه

ولا أستطيع أن أتصور - في حدود طاقتي التصويريّة - إهراق (المعول) في التراب، إنما الذي أستطيع تصوره هو الهدم به، وإهماله والتدمير به".

فيردّ الفيتوري[15]: "وهنا أيضًا لا أستطيع أن أخالفه في استحالة إهراق المعول إهراقًا جديًّا، ولكن ألا يرى حضرته أن الحركة الفعلية التي تصاحب المعول، من ارتفاع إلى انثناء إلى انخفاض، حتى يغيب في التراب، هذه الحركة أليست شبيهة بكل ما من شأنه أن يهرق محتواه كالكوب مثلًا؟ ولقد كان في مقدوري أن أعبر بـ(يضرب) أو (يهوي بمعوله) مع الاحتفاظ باستقامة الوزن، وأداء المعنى، بل واكتمال الصورة أيضًا، لولا ما خيل لي من أنَّ في هذا التعبير بالذات شيئًا مما يتساءل عنه الباحثون عن التجديد في الشعر الحديث".

وربما في ردّه هذا الأخير ـ دون الانتقاص من قيمة الردود الأخرى ـ ما يشير إلى أنّ الفيتوري كان يُدرك جيّدًا أن براعة الصورة تكمن في جمال ما فيها من انزياح، وإغراق في الأخيلة، بشرط أن يكون المعنى واضحًا في ذهن الشاعر، يستطيع التعبير عنه نثرًا كما عبّر عنه شعرًا.

الفيتوري وكيلاني حسن سند:

كانت للشاعر المصري كيلاني حسن سند، وقفةً عند قصيدة الفيتوري "حبيبتي السمراء"، مشيرًا إلى التشبيهات الآتية:

حبيبتي سمراء مثل الكروم/ ناعمة كالضياء/ خمرية كالمـ[سـ]اء

قائلًا[16]: "ولا أرى سمرة للكرم إلا الخضرة الداكنة للأوراق، ولا أحسّ نعومة للضياء لأنّه مما لا يلمس. ولا أرى كذلك للماء لونًا يشبه الخمر أو يقاربه، اللهم إلا في زيادة النيل حين يحمل معه فتات الصخور، وما أظن ذلك إلا جموح خيال من الأستاذ الشاعر".

فجاء ردّ الفيتوري مُقسَّمًا حول كلّ جزء على حدة، فقال[17]: "انتقد الأديب كيلاني حسن سند قولي (سمراء مثل الكروم) إذ لا لون للكروم ـ في حدود نظره ـ إلا تلك الخضرة الورقية الداكنة. ولو تصفح حضرته أحد كتب البلاغة لعلم أن (المجاز المرسل) يبيح لقائل أن يقول (شربت الكروم) وهو يريد عصيرها. وعصيرها هذا كما لا يجهل الأديب ذو ألوان مختلفات أحدها السمرة المرادة في التشبيه".

ويحيلنا هذا الردّ إلى أحد أهمّ روافد الفيتوري الثقافيّة، وهي حفظه القرآن في سنٍّ مبكّرة، ودراسته الأزهريّة التي أوقفته على متون اللغة، ومما لا شكَّ فيه فقد درس البلاغة العربيّة دراسة وافية، تظهر ههنا معالمها وملامحها، وتظهر كذلك نزعته الفلسفيّة اللغويّة في ردِّه الثاني، عندما انتقل إلى نعومة الضياء[18]: "وينتقد وصفي للضياء بالنعومة لأنّه مما لا يلمس باليد؛ وأنا أسأله: وهل لنا أن نصفه بالخشونة؟ وإذا كان الجواب الطبيعي بالنفي، فلماذا تُحرّمون على شاعر أن يتخيّل إيجابيّة شيء لم تستطيعوا للآن تقرير سلبيته؟".

ولا شكّ أنّ هذا الرد فيه جانب فلسفيّ دقيق، يشير أول ما يشير إلى أن الفيتوري شاعر يُحكم صنعته من كلّ جوانبها، وهو على استعداد أن يدافع عنها كما ينبغي.

ولما كان الجزء الثالث يتعلق بخطأ في الطباعة، فقد أشار الفيتوري إلى هذا الخطأ[19]: "وأنا لم أقل (خمرية كالماء) ولكن (خمرية كالمساء) والتحريف مطبعي فلا محلَّ لنقده؛ ومن ثم للرد عليه".

لم تكن أسئلة كيلاني جميعها حول المعاني، فقد أشار إلى جانب لغويّ مُهمٍ، وهو يقول[20]: "أما كلمة سوسان فلا أعرف إلا السوسن فقط. فلعل القافية هي التي جاءت بهذه الألف، ولعلها لغة فيها. والشاعر هو الذي يستطيع أن يفيدنا بذلك - والقاموس لم يذكر سوى سوسن وسوسنة". والفيتوري لم يتكلف عناء الردّ على هذا الشق من السؤال، وقد تولى الشاعر والأديب السودانيّ صالح بيلو الردّ على الشقّ الثاني المُتعلّق باللألفاظ، فقال[21]: "يتساءل الأستاذ كيلاني حسن سند عن كلمة سوسان الواردة في قصيدة للفيتوري...ونقول للأستاذ إن كلمة سوسان وردت في قصيدة أبي نواس التي يقول فيها:

وما بها من هشيم العرب عجرفةٌ ولا بها من غذاء العرب خطبان

لكن بها جلنار، قد تفرعه آس، وكلله ورد، وسوسان

وللأستاذ تحياتي واحترامي"

وإذا كان استشهاد بيلو بشعر النواسيّ، فقد دعم هذا الرأي محمد عبد الرحمن، بشعر حديث معاصر[22]: "... ولقد لفت نظري هذا النقاش حول الكلمة لأنّ أستاذنا الكبير عباس العقاد أوردها كذلك في قصيدته النونية التي يعارض بها قصيدة ابن الرومي، فإذا رجعت إلى ديوانه ص37 قرأت:

بالغصن شبهه من ليس يعرفه وإنما هو للرائين بستان

وهل نما قط في غصن على شجر آس وورد ونسرين وسوسان

وللأستاذ العقاد مكانه - في مجمع فؤاد - الذي يطلّ منه ويشرف على مترادفات اللغة واشتقاقاتها. ولذا تكون الكلمة صحيحة". والبيتان أسقطهما العقاد حين اختار القصيدة ضمن قصائده المختاره[23].

ولما كانت الرسالة قد نشرت كلا قصيدتي الفيتوري "حبيبتي سمراء" و"غموض" في عدد واحدٍ وفي مكان واحد، فقد وقف كيلاني حسن عند قصيدة غموض كذلك، عند بيت الفيتوري:

أرنو إلى الفجر الجميل كساحر حملت يداه ريشة عذراء

فقال[24]: "والساحر لا يحمل الريشة، وإنما هو الرسام. ولكن الوزن لا يستقيم به. والشمس (شعت ماسة زرقاء) ولا تراها حتى العين الرمداء، زرقاء اللون، ولو كانت كذلك لما نسخت الظل وطوت الظلام. وكلمة (تدفق) وهي (تدفقت) وكلمة (ازرقّ أمواها) بعد (وإلى المياه) لا تستقر ولا تتسق مع ما بعدها. وهي (وشف نقاء). وللشاعر تحياتي وتقديري".

جاء ردّ الفيتوري على آراء كيلاني مُقسَّمًا، مشيرًا إلى كلّ جزء منه[25]: "... يقول الأديب النابه إنّ الساحر لا يحمل الريشة. وإنما هو الرسام، وهذا من البديهة بحيث نخجل عن ذكره - ولو شئنا لقلنا (كراسم) ولن يختل الوزن الشعريّ"، ثم ينتقل إلى الإشارة الأخرى[26]: "ولو أتيحت للأديب رؤية الفجر وهو يوزع الألوان والأضواء على لوحة الأفق لوقف مثلي مشدوه الفكر ملتهب الشعور منجذب الروح نحو هذه المعجزة السماوية المتجددة، تمامًا كما يقف المسحور تحت تأثير الساحر القدير". ثم ينتقل إلى التساؤل الثاني فيرد عليه بقوله[27]: "أما عن الشمس (شعت ماسة زرقاء) فهناك وجه الشبه البياني يرخص للشاعر والكاتب أيضًا أن ينظر للشيء من زاوية معينة ليشبهه بآخر لا يطابقه إلا من هذه الزاوية نفسها. والشمس إذ تبعث بأشعتها النفاذة في كل اتجاه إنما هي ماسة مكبرة ولو لم ترها البصائر الرمداء... كذلك هذا، ولم يكن القمر يشبه العرجون في كل حالاته عندما قال الله تعالى (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ [(39) يس]. ثم يختم ردّه مشيرًا إلى تحامل النقاد على الشاعر[28]: "ولو رزق الأديب الكيلاني شيئًا من النفاذ أو الإنصاف لساقته تنقلات القصيدة الفكرية من مشاهدة (الفجر) إلى (الظهيرة) إلى (الأصيل)، لساقته هذه التنقلات الزمنية المتعاقبة إلى المشهد الأخير يشهد المساء الجديد:

وإلى السماء وقد تدفق جدولًا وازرقَّ أمواهاً وشف نقاء

وبعد فعلى الأديب سلام الشعر".

يمكن القول إنّ كيلاني حسن أراد ـ قبل كلّ شيء ـ أن ينتقص من قيمة القصيدتين، ثم من قيمة شاعرهما، والاختلاف بينه وبين عفيف الحسيني ـ الذي نظر إلى الصور والفلسفة ـ كان كبيرًا، وهو ما يظهر في ردِّ الفيتوري على كليهما، إذ كان رفيقًا في ردّه على الحسيني، بينما جاءت ردوده على كيلاني حسن مشحونة بالسخرية والتَّهكّم، من قبيل: "في حدود نظره"، و"وهذا من البديهة بحيث نخجل عن ذكره"، و"ولو رزق الأديب الكيلاني شيئًا من النفاذ أو الإنصاف..."، كلُّ ذلك جعل الفيتوري يميل إلى تبكيت خصمه، وقد أقام عليه الحجّة في كل المواضع التي أثارها، وهو ما يوقفنا عند دفاع الفيتوري الشديد عن قصائده، لغةً، وأخيلةً، وفكرًا، وفلسفةً. وهذا ما يجعلنا نتساءل: كيف لمن يدافع عن شعره كلَّ هذا الدفاع، يأتي ويهمله ولا يضمنه دواوينه الشعريّة؟.

بين الفيتوري وعبد القادر رشيد الناصري:

عبدالقادر رشيد الناصري، هو شاعر عراقيّ، من أكثر الشعراء نشرًا في مجلة الرسالة، ولم يقتصر نشره على الشعر، بل تجاوزه إلى النقد، وأقام عددًا من الدراسات حول الشعر السوداني. وفي هذه المرة كان الفيتوري هو المبادر بنقد قصيدة للناصري عنوانها "ميعاد"، والتي يقول مطلعها[29]:

يا مُهدي الزهر نواحًا لعاشقه ما ضرّ لو رحت تُهديه الهوى عبقا

تركته نهبَ أوهامٍ وأخيلة حيرانَ يضربُ في بيد المنى فرقا

جاء تعليق الفيتوري على بيتين منها، الأول قوله:

وظل يصرخ حتى ذاب من ألم فؤاده وجرى من ثغره مزقا

 فقال له الفيتوري[30]: "الصورة المتخيلة هنا تمثل إنسانًا يتقيأ قلبه قطعًا دامية من (ثغره) وهي صورة كما ترى يأباها الذوق الشعري الخالص. وأرجو أن لا يتعلق الشاعر بعنصر (الإثارة الشعوريّة) فطرق التعبير الشعوريّ السليم ميسورة للملهمين".

وكان البيت الثاني هو قوله:

أوْ ليتَ خالقَ هذا الحسن من علقٍ أحبَّ يومًا إذن ما ذلَّ من عشقا

وجاء تعليق الفيتوري[31]: "ونحن نسأل الشاعر من هو خالق هذا الحسن؟ أليس هو الله تعالى الذي يؤمن به ويقدسه كمسلم؟ إن الهبوط في هذا البيت جاء نتيجة ضعف ديني تتميز به طبقة أدبيّة معروفة. ما كنت أخال أن لها كلّ هذا التأثير في فطرة الشاعر. وبعد فعلى الشاعر المجيد سلام أخيه".

فمهما كانت الصورة التي يريدها الناصري، فلن يستطيع المرء استساغتها بعدما فسرها الفيتوري بما قال. بينما يوقفنا نقده للبيت الثاني على ملامح النشأة الدينيّة التي تركت بصمتها على الفيتوري، ونقده هذا يظهر جانبًا دينيًّا مُهمًّا في تكوينه شاعرًا وناقدًا.

تأخر نقد عبدالقادر رشيد الناصري واحدًا وخمسينًا عددًا عن نقد الفيتوري، وعندما نشر الفيتوري قصيدته (العائدون من الحرب)، وفيها:

نجرجر خلفنا التاريخ أشلاء وأكفانا

كانت وقفة الناصري حول هذا البيت وقفةً لغوية معجميّة، فقال[32]: "والجرجرة كما في لسان العرب ما يلي: الجرجرة الصوت، والجرجرة تردد هدير الفحل وهو صوت يردده البعير في حنجرته... وجرجر ضج وصاح، وفحل جراجر كثير الجرجرة... ولا أظن الأستاذ الفيتوري يقصد الجرجرة بمعناها المعروف ولكنه يقصد الجذب أو السحب وكان عليه أن يقول (نجرر خلفنا التاريخ) أليس كذلك؟".

وبالرجوع إلى كلِّ معاجم اللغة فالمعنى هو ما ذكره الناصري، تربط بين الشرب والصوت، وإن كان المعنى الذي يريده الفيتوري هو معنى مستعمل في اللغة المعاصرة، يقول أحمد مختار[33]: "جرجر المريضُ قدميه: مشى ببطء وصعوبة... جرجر نفسه: زحف على بطنه. جرجرَ الشَّيءَ: جرَّه عُنْوةً". وآخر المعاني هو الذي أراده الفيتوري. وقد جاء بالمفردة نفسها في موضع آخر، في صراعه مع محمود أمين العالم حول خصائص الشعر المصري، بقوله[34]: " وليس أدعى لفخر شاعر مثلي من إحساسه بقُدرته على تحويل الأنظار إلى ناقد مثل الأستاذ العالم، وتحريكه إلى حدِّ الانحراف برسالته الإنسانيّة الموجَّهة، وجرجرتها خلفه داخل ظُلمات الذَّات الفرديَّة بمنازعها وأهوائها".

ثم ينتقل الناصري إلى قول الفيتوري في ذات القصيدة:

لقد عدنا أجل عدنا ولكن عودة المقضور

فقال[35]: "وقد فتشت القواميس فلم أجد معنى لكلمة (المقضور) فما معناها يا أستاذ!".

وبالرجوع إلى البيت فقد لحقه تصحيف عند الطباعة، والكلمة في الأصل "المقهور"، فتحولت الهاء ضادًا، وربما لهذا السبب لم يُكلف الفيتوري نفسه عناء الرد.

ونحن نسأل: هل استفزَّ الفيتوري الناصري عامدًا ليتناول شعره بالنَّقد؟

الأمر مشابهة لما كان بين الفيتوري ومحمود أمين العالم في معركة أخرى، انتهت بأن قدّم العالم ديوان الفيتوري الأول، على الرغم من كون الأمر قد بدأ بمعركة ضارية في صفحات الآداب البيروتيّة.

اتجاهات النقد الموجه إلى شعر الفيتوري في هذه المرحلة:

بتتبع النقد الذي أثير حول شعر الفيتوري في هذه المرحلة، يمكن تقسيمه إلى قسمين رئسيين:

الأول: نقد الصور والأخيلة: وهذا ما ذهب إليه عفيف الحسيني، وكيلاني حسن في بعض نقده. إذ وقفا عند أخيلة الفيتوريّ التي في جوهرها انزياح كبير في الأخيلة والتصوير. وكان الفيتوري يحرص كلَّ الحرص على الردَّ على هذه النقطة التي أثارها النقاد. وحملت ردوده تصوُّرًا دالًا على فهمه التجديدَ والسعي إليه.

الثاني: نقد اللغة: وهذا ما ذهب إليه كيلاني حسن بتساؤله عن معنى "سوسان"، وكذلك ما ذهب إليه عبدالقادر رشيد الناصري بسؤاله عن معنى "جرجر". وعلى حرص الفيتوري في الدفاع عن الأخيلة والمعاني، نجده قد زهد في الرَّد على اللغة. وذلك لأنّه كان يؤمن بأنَّ اللغة قابلة للاشتقاق، وقابلة إلى تأدية المعنى حتى إذا خالفت القياس. وهو ما نراه في استخدام كلمة "جرجر" في أكثر من موضع، وما نراه في ردِّه على عدنان أسعد في وقفة عند بيت التجاني يوسف بشير[36]:

واستفاقوا يا نيل منك لنَغَّا ... مٍ شجيٍّ من آلهيّ ربابك

فقد رد عليه الفيتوري بقوله[37]: "إذ قال إنه مكسور لأنّه ظنَّ أنّ لفظة (إلهي) التي وردت في البيت منسوبة إلى (الإله) والصواب أنّها منسوبة إلى (الآلهة) لا إلى (الإله) كما جاء في الديوان، وبذلك يكون البيت بصورته صحيحًا. وهناك الكثير من الأبيات وردت في ديوان الشاعر السوداني ضمنها هذه الكلمة مثل:

والأخ الحبر. . والفتى الآلهي النف ... س خلو من الحجا والضمير

ونجد الفيتوري نفسه ـ وبعد اثنين وثلاثين عامًا في العام 1979م ـ عاد وضمّن هذا الاشتقاق التجاني إحدى قصائده فقال[38]:

"أيُّها البشرُ الآلهيُّ الذي قهر الحقد، والموت، والكبرياء"

المبحث الثاني: دوافع إهمال هذه البواكير وعدم تضمينها دواوينه الشعريّة

بالبحث عن قصائد الفيتوري الأولى ـ في المجلات العربيّة ـ وجدنا أكثرها في ثلاث مجلّات من أهمّ المجلات العربيّة في زمانها، وهي: الثقافة، والأديب، والرِّسالة. إذ فاق مجموع ما نشره في هذه المجلات الثلاثين قصيدة، وقد انتخب بعضها ونشره في ديوانه الأول "أغاني إفريقيا"، بينما أهمل أكثر هذه القصائد، فلم تظهر في أيٍّ من دواوينه. وبعد أن عالج المبحث الأول دفاع الفيتوري عن هذه البواكير أمام النقد، يعالج هذا المبحث الثاني دوافعه في عدم تضمينه هذه البواكير أيًّا من دواوينه الشعريّة.

قصائد مجلة الثقافة:

كانت الثَّقافة هي أقدم المجلات التي نشرت شعر الفيتوري، إذ يعود تاريخ القصيدة الأولى المنشورة إلى العام 1947م، وموضوعها فلسطين. وبالرجوع إلى ميلاد الفيتوري نجده قد نشر هذه القصيدة وهو في حدود العشرين من عمره. وهنالك خمس قصائد نشرتها الثقافة ولم يضمنها الفيتوري دواوينه، وهي: (فلسطين، الناس، مخلوق، خلود، جحود). ويشير قاسم عثمان نور ـ وهو يؤرشف ببليوجرافيا الدراسات السودانيّة بمجموعة المجلات المصريّة 1939 ـ 1952م ـ إلى قصيدة سادسة بعنوان (أمي) لم نعثر عليها[39]: "أمي، ص 30 ع 611 مج 12 ديسمبر 1950م"

قصائد مجلّة الرِّسالة:

هي المجلة الأكثر نشرًا لقصائد الفيتوري التي لم يضمنها دواوينه، إذ نشر بها: "الخطيئة المجسمة، في الربيع، اللب والقشور، غاية الطموح، مخلوقات الظلمة، النور الحائر، حبيبتي سمراء، غموض، الينابيع الجديدة، خطوط، الملوثون).

قصائد مجلة الأديب:

هي الأقل نشرًا بين نظيراتها، وهنالك قصيدة واحدة عثرنا عليها من القصائد غير المنشورة بعنوان "ليالي الصفصافة".

القصائد بحسب تاريخ نشرها تصاعديًّا:

عنوان القصيدة

المجلة

البحر

سنة النشر

فلسطين

الثقافة

البسيط

1947م

الناس

الثقافة

الطويل

1950م

مخلوق

الثقافة

الطويل

1950م

خلود

الثقافة

الطويل

1950م

جحود

الثقافة

البسيط

1950م

الخطيئة المجسّمة

الرسالة

الخفيف

1950م

في الربيع

الرسالة

منصوف البسيط

1951م

اللب والقشور

الرسالة

مشطور الرجز

1951م

غاية الطموح

الرسالة

المتقارب

1951م

مخلوقات للظلمات

الرسالة

البسيط

1951م

النور الحائر

الرسالة

البسيط

1951م

حبيبتي سمراء

الرسالة

السريع

1951م

غموض

الرسالة

الكامل

1951م

الينابيع الجديدة

الرسالة

الكامل

1952م

خطوط

الرسالة

المتقارب

1952م

الملوثون

الرسالة

الوافر

1952م

ليالي الصفصافة

الأديب

السريع

1955م

جوانب من شاعريّة الفيتوري في تلك القصائد:

ونقصر وقفتنا مع هذه القصائد عند ثلاثة جوانب مهمَّة، في إبرازها نظرة إلى شاعرية الفيتوري في تلك الفترة، وهي:

العَروض:

من أهمِّ أدوات الشاعر الناشئ امتلاكه الحسّ الموسيقيّ الذي يؤهله للتعبير عن أفكاره ومعانيه وفق إطار موسيقيّ دقيق. ومن هنا نستطيع الحكم على تجربة الفيتوري الأولى بالتجربة الناضجة، لامتلاكه هذه الأداة الموسيقيّة في فترة باكرة من حياته، وهو ما يظهر من خلال التنوع الكبير الذي حفلت به هذه القصائد، إذ جاءت على سبعة أبحر، بينما كانت الأوزان داخل هذه البحور، أكثر من ذلك، إذ جاءت بعض البحور على أكثر من صورة، وأكثر من وزن.

الصورة الشعريّة:

الصورة الشعريّة هي إحدى أهمِّ مميزات شاعريّة الفيتوري التي حمل على أكتافها مشروعه الشعريّ الكبير، وعلى أهميَّتها المطلقة إلا أنَّها لبنة في مشروع كبير، ولا يمكن أن تكون هي المشروع نفسه، كما قال سوسيل دي لويس[40]: "إنَّ الصورة مهما تكن جميلة، فإنَّها لا تُميِّز الشاعر، إنَّها تصبح فقط أدلّة للنبوغ الأصيل حين تلطّف بالعاطفة السائدة، أو بالأفكار ذات العلاقة، أو الصُّور التي توظِّفها العاطفة". وقد ظهرت فرادة الصورة الشعريّة عند الفيتوري في مرحلة باكرة من أشعاره، وهو ما أشار إليه محمود أمين العالم[41]: "ويعدُّ الفيتوري امتدادًا لمدرسة ناجي...ولكنه يتميّز بقدرة خارقة ـ تفوق قدرة ناجي ـ على: إبراز القسمات، وتجسيد الرؤيا، واصطناع الصُّور في جوّ رمزيّ غيبيّ".

ومن صور الفيتوري التي تحمل حمضه النووي، وشخصيّته بكلِّ أبعادها، تصويره حالة الخلق الفنّي، ونظرة الشاعر لمن أحبَّها، فأعاد خلقها في شعره وفق إحساسه، إذ يقول[42]:

وغادةٍ أنا باريها وخالقُها كأنّها حلمُ الآزالِ والقِدَم

عذراءَ، لو جسَّدت كفي أنوثتَها لقُدِّستْ بينَ أهلِ الأرضِ كالصَّنمِ

ظللتُ ليليَ تشقيني وتسعدني كأنّني في يديها مزهرُ الألم

حتى إذا ما تمطى الفجر وانتشرت على الدروب رعاة الإبْلِ والغنمِ

سكبتُ في أذنِ الأوراق قصَّتها وبتُّ أحرقُ في ذاك الخيال دمي

ثم يدخل عالم الخلق الفني، والموحى الذي يصنع فيه وجوده المغاير، ليخبرنا حقيقة الشعر ومعناه، فيقول[43]:

أنّي هنا في سماواتي وأخيلتي في موكب من جلال الفن والنغم

أبني العوالم في فكري وأهدمها وأحشر الناس والأيام في حلمي

وأوقف الفلك الجاري بأنملة وأخلق الخلق من (لا شي) والعدم

كم ليلة غرقت أضواء أنجمها في زاخر من محيط السحب والسدم

تركت إعصارها الجبار مصطخبًا ونوءها قاذفًا بالثلج والرجم

ورحت أغرس في فردوس صومعتي زهر الربيع وأرعى طفلة النسم

وأستحم بضوء الشمس مبتسمًا إلى الشتاء الذي غشّى على الأمم

وإن رحت تبحث وراء هذه الصور لأطلَّ جبران في مواكبه مستحمًّا بعطره متنشِّفًا بنوره، وقد عكس الفيتوري المعنى. ورأيت التجاني يوسف بشير، يصنع الوجود المغاير. وإدريس جماع يناجي أشباحه والظلالا.

ومن صور الفيتوري الدمويّة التي طورها لاحقًا وجعلها أهمَّ لبناته التصويريّه، قوله يخاطب من كانت سبب تعاسته[44]:

فاحملي قلبَكِ المُكفَّنَ بالآثامِ وامضي ملعونةً الآثارِ

احمليه على يديك، كما تحملُ أمُّ اللقيطِ تاجَ العارِ

احمليه كزهرة وطأتها قدمُ العابثينَ والفُجَّارِ

اعتداد الفيتوري بهذا الشعر:

جُبل الفيتوري على الاعتداد الشديد بنفسه، وهو الشعور الذي غذى في نفسه حبَّ التفوق على أقرانه، وقد ظهر هذا الأمر جليًّا في هذه القصائد، من ذلك تسمعه يصف مدعي الشعر فيقول[45]:

وكم مُدعٍ للشعر يسهر ليله يشققه لفظًا وينظمه وزنا

أكبّ عليه مُعملًا في صخوره قساوة فأس وقعُها يُفزع اللحنا

كأنّي به والليل مُرخٍ ستوره على الكون مخلوق من الناس قد جُنّا

فراح يشد الشعر طورًا وتارة يحرك كفيه وقد ينتف الذقنا

كأني به حبلى أتاها مخاضها فآونة تُقعي وتبسط أو تثنى

فلما أتاها الطلق ألقت جنينها فكان لقيطًا ما لميلاده معنى

وعندما يصف موهبته وشعره وما يرجوه في غده من المكانة يقول[46]:

لئن جحدوا قدري فما جحدوا شعري وإن سخروا باسمي فما وأدوا ذكري

وماذا تنال السحب من وجنة السما؟ وما تُنقص الأنواء من لجّة البحر؟

لسوف يُطلّ الصُّبحُ من شُرفة الدُّجى وتحترقُ الظلماءُ في موقد الفجر

وتنهل روح الكون من حان مهجتي فيرقص نشوان العواطف من خمري

وتشجي فؤاد العالمين ربابتي بأروع ما غنّته شبّابة الشعر

على رغم أنف الحاقدين جميعهم وأنف الزمان الساخر الوغر الصدر

ويمضي هازئًا بحاسديه الذين وقفوا في طريقه وسدُّوا أمامه الأبواب، وهو يتهدَّدهم بغده المأمول[47]:

جزاهم جزاء الحاسدين وحسبهم بأن ينبُهنْ ذكري وأن يعلون قدري

وقالوا صغير السن لم يعدُ طورَه فقلت وما شأن المواهب بالعمر

هل اللحن إلا في غصون انطلاقه أم الورد إلا في لفائفه النُّضر

وكم من طويل العمر ذكراه ميْتةٌ وكم من قصير عمرُه خالد الذكر

فلا تقرنوا عمري بشعري فإنّني لأصغر من شعري وأكبر من عمري

وتراه بين اعتزازه بموهبته، وإنكاره حظَّ مجايليه من الشهرة التي تفوق حظهم من الشعر، فيأسى لحاله، ويُمضُّه جحود قومه فيقول[48]:

هل كان قلبي سوى قربان فنانِ؟ أو كان شعري سوى قرآن وجداني

واضيعتاه لفنّ الخُلدِ بينكمُ يا أمّةً خُلقت من غير ميزان

واضيعتاه لأشواقي وأخيلتي ما بين عُبّاد أصنامٍ وأوثانِ

مالي أغنّي فلا يهتزُّ سامرُكم على اهتزازات أنغامي وأوزاني

أنا الذي يُرقص الآباد مزهرُه ويلتقي النور والظلماء في حاني

مالي أغني فلا يشجى بكم أحدٌ كأنّني هاتفٌ في سمع صوانِ

وكم طربتُم لأصداءٍ مُشوّهةٍ من نعق بومٍ ومن تنعاب غربانِ

حتّام يُنكرُني قومي وأنكرهم كأنّني في سوى قومي وأوطاني

لكنّه يتأسى بثقته، وبما ينتظره غدًا من شهرة هي صنيع شعره هذا الذي يفاخر به الكون[49]:

لكن غدًا سوف يدري كلُّ ذي أذُنٍ غدًا متى حُرِّرت آذانُ عُبدانِ

أنّ الذي فجّر الإلهام في أفقي قد شاء أن تصهرنَّهُ نارُ حرماني

وهو المعنى الذي كرره كثيرًا في شعر هذه الفترة[50]:

لسوف يومًا تُبصرينَ نُوري

نورِ الفتى المُحتقَرِ الفقيرِ

فتسجُدينَ سجدةَ المقهورِ

خاشعةً هنا على حصيري

ومثل هذا الاعتداد، ومثل هذا الشعر، كلاهما يخبراننا أنَّ أهمَّ أسباب إهمال هذا الشعر ليس بسبب فنِّيّ، وإنَّما أراد الفيتوري أن يظهر حاملًا قضيّته الكبرى، قضية الإنسان الإفريقيّ الأسود المُضطهد، ولما طالت رحلته الإفريقيّة والتهمت ثلاثة الدواوين الأولى، فقدتْ هذه القصائد مكانتها في مشروعه الشعري، الذي تطور كثيرًا عن شعر هذه المرحلة، فأنف أن يعود إليه مرة أخرى، ورآه لا يمثل تجربته ولا يُضيف إليها، معلقًا على إحدى قصائد هذه الفترة، من التي ضمنها ديوانه الأول:

ألئنّ وجهيَ أسودٌ ولئن وجهـــك أبيضٌ.. أسميتني عبدا

ووطئت إنسانيّتي.. وحقرت روحانيّتي فصنعت لي قيدا

قال[51]: "تنهّد مرتاحًا لأول مرّة، فقد كان عبثًا وضبابًا كلَّ ما كتب قبل ذلك، ما نشر منه وما لم ينشر. كل ما كتبه قبل ذلك كان إجهاضًا لميلاد تجربته الإنسانيّة الحقيقيّة، التي يُريد أن يتغنى بها، وأن يُعلنها للجميع. أريد أن أكون صادقًا مع نفسي أولًا، وأن يكون ما أكتبه هو ما أحسُّه".

وإن تساءلنا في خاتمة هذه الدراسة: هل ثمة قصائد غير هذه لم تنشر؟

وتأتينا الإجابة عن هذا السؤال من الناقد المصري شعبان يوسف، مشيرًا إلى اندماج الفيتوري في الحياة المصريّة إبان العدوان الثلاثي على مصر 1956م، وإلى كتابته قصائد كثيرة في هذه المعركة، ونشره هذه القصائد في الصحف والمجلّات[52]: "وربَّما لا يعلم كثيرون أنَّ بعض هذه القصائد تمَّ تلحينها، وأدَّاها بعض الفنانين في ذلك الوقت، ولكن لم يكتب لهذه الأغاني الذيوع اللائق بها، إذ إنَّ كثيرًا من تراث الأغاني في ذلك الوقت ذهب إلى طي النسيان، ومن بين هذه الأغاني، أغنية "يا وطني"، من ألحان الدكتور يوسف شوقي، وأداء محمد سليمان... كما كتب أغنية أخرى تحت عنوان "أرض الوطن"، من تلحين محمد الموجي، وغناء فتحية أحمد... كما أنه كتب أغنية عنوانها "ثورة الجزائر"من تلحين حسين جنيد".

ما يعني أنَّ شعر الفيتوري غير المنشور، جدير بأن ينبري الباحثون لجمعه، حتى يكتمل مشروعه الشعري، وهي المحاولة التي سعت إليها هذه الدراسة.

الخاتمة:

تناولت هذه الدراسة قصائد محمد الفيتوري التي نشرها في المجلات العربية في الفترة بين عامي 1947م ـ 1955م، وتوقفت عند دفاع الفيتوري عن هذه القصائد في وجه النقد، ثم عند أسباب إهماله إياها ـ وغيرها من القصائد ـ دون أن تصدر في أيّ من دواوينه. ومن أهمَّ النتائج التي تقدمها الدراسة:

توصي الدراسة بتتبع آثار الشعراء السودانيّين في الإذاعة، والتلفزيون، والمجلات، والصحف، التي تحوي كثيرًا من آثار الشعراء المهملة، شعرًا ونقدًا، حتى تكون النظر للشعر السودانيّ ونقده نظرةً شاملة.

المصادر والمراجع:

ـ القرآن الكريم.

ـ أحمد مختار عبد الحميد (2008م)، معجم اللغة العربية المعاصرة، ط1، عالم الكتب.

ـ التجاني يوسف بشير (1987م)، إشراقة، ط8، دار الجيل، بيروت ـ لبنان.

ـ الجوهري (1987م)، الصحاح، تحقيق أحمد عبدالغفور عطار، ط4، دار العلم للملايين، بيروت ـ لبنان.

ـ ابن حجر العسقلاني (1379هـ)، فتح الباري شرح صحيح البخاري، دار المعرفة، بيروت ـ لبنان.

ـ حسان بن ثابت (2016م)، ديوانه، دار الأرقم بن أبي الأرقم، بيروت ـ لبنان. 

ـ سيسل دي لويس (1982م)، الصورة الشِّعريّة، ترجمة أحمد نصيف الجنابي وآخرين، دار الرشيد للنشر، منشورات وزارة الثقافة والإعلام، الجمهوريّة العراقيّة.

ـ شعبان يوسف (3/ 5/ 2015م)، محطات مجهولة من سيرة الفيتوري، أخبار الأدب https://www.masress.com/adab/9643

ـ صالح بيلو (1951م)، "البريد الأدبي ـ ردّ على نقد"، مجلة الرسالة، القاهرة ـ مصر، العدد 954، 15 أكتوبر.

ـ عبد القادر رشيد الناصري (1951م)، "الميعاد"، مجلة الرسالة، القاهرة ـ مصر، العدد 947، 27 أغسطس.

ـ عبد القادر رشيد الناصري (1952م)، "البريد الأدبي ـ في قصيدة الفيتوري"، مجلة الرسالة، القاهرة ـ مصر، العدد 1005، 6 أكتوبر.  

ـ عفيف الحسيني (1951م) "البريد الأدبي ـ تساؤل"، مجلة الرسالة، القاهرة ـ مصر، العدد 947، 27 أغسطس.

ـ عفيف الحسيني (1952م)، "البريد الأدبي ـ خطوط"، مجلة الرسالة، القاهرة ـ مصر، العدد 981، 21 أبريل.

ـ العقاد، عباس محمود (2001م)، ديوان من دواوين، ط1، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع.

ـ العكبري (1995م) اللباب في علل البناء والإعراب، تحقيق د. عبدالإله النبهان، ط1، دار الفكر ـ دمشق.

ـ قاسم عثمان نور، أوراق سودانيّة، مركز قاسم لخدمات المكتبات، الخرطوم ـ السودان، ط1، 2007م.

ـ كيلاني حسن (1951م)، "البريد الأدبي ـ حبيبتي السمراء ـ غموض"، مجلة الرسالة، القاهرة ـ مصر، العدد 949، 10 سبتمبر. 

ـ المبرد (1997م) الكامل في اللغة والأدب، تحقيق محمد أبوالفضل إبراهيم، ط3، دار الفكر العربي، القاهرة ـ مصر.

ـ محمد الفيتوري (1947م)، "البريد الأدبي ـ تصحيح بيت"، مجلة الرسالة، القاهرة ـ مصر، العدد 737، 18 أغسطس.  

ـ محمد الفيتوري (1951م)، اللب والقشور، مجلة الرسالة، القاهرة ـ مصر، العدد 934 - بتاريخ: 28 – مايو.

ـ محمد الفيتوري (1951م)، مخلوقات للظلمة، مجلة الرسالة، القاهرة ـ مصر، العدد 941 - بتاريخ: 16 – يوليو.

ـ محمد الفيتوري (1951م) "البريد الأدبي، تعيب على نفر"، مجلة الرسالة، القاهرة ـ مصر، العدد 956، 29 أكتوبر. 

ـ محمد الفيتوري (1951م)، "البريد الأدبي ـ بيتان"، مجلة الرسالة، القاهرة ـ مصر، العدد 956، 29 أكتوبر. 

ـ محمد الفيتوري (1952م)، "البريد الأدبي ـ حول خطوط"، الرسالة، القاهرة ـ مصر، العدد 986، 26 مايو. 

ـ محمد الفيتوري (1955م)، قضيّة الخصائص والقوميّة في الشعر، مجلة الآداب، بيروت ـ لبنان، العدد 4، 1 أبريل.

ـ محمد الفيتوري (1992م)، ديوان "شرق الشمس غرب القمر"، ط1، دار الشروق، القاهرة. 

ـ محمد عبد الرحمن (1951م)، "البريد الأدبي ـ وسوسان أيضًا"، مجلة الرسالة، القاهرة ـ مصر، العدد 956، 29 أكتوبر. 

ـ محمود أمين العالم (1955م)، الشعر المصري الحديث، مجلة الآداب، بيروت ـ لبنان، العدد 1، 1 يناير.

ـ أبو هلال العسكري (ب ت)، جمهرة الأمثال، دار الفكر، بيروت ـ لبنان.  

 

[1] عفيف الحسيني (1951م) "البريد الأدبي ـ تساؤل"، مجلة الرسالة، العدد 947، 27 أغسطس. ص 990

[2] عفيف الحسيني (1951م) "البريد الأدبي ـ تساؤل"، مجلة الرسالة، العدد 947، 27 أغسطس. ص 990

[3] محمد الفيتوري (1951م) "تعيب على نفر"، مجلة الرسالة، العدد 956، 29 أكتوبر. ص 1242

[4] العكبري (1995م) اللباب في علل البناء والإعراب، تحقيق د. عبدالإله النبهان، ط1، دار الفكر ـ دمشق. 2/ 145 ـ 146

[5] ابن حجر العسقلاني (1379هـ)، فتح الباري شرح صحيح البخاري، دار المعرفة، بيروت ـ لبنان. 10/ 565

[6] محمد الفيتوري (1951م)، "تعقيب على نفر"، الرسالة، العدد 956، ص 1242

[7] عفيف الحسيني (1952م)، "البريد الأدبي ـ خطوط"، مجلة الرسالة، العدد 981، 21 أبريل. ص 460

[8] عفيف الحسيني (1952م)، "البريد الأدبي ـ خطوط"، مجلة الرسالة، العدد 981، 21 أبريل. ص 460

[9] محمد الفيتوري (1952م)، "البريد الأدبي ـ حول خطوط"، الرسالة، العدد 986، 26 مايو. ص 599

[10] محمد الفيتوري (1952م)، "البريد الأدبي ـ حول خطوط"، مجلة الرسالة، العدد 986، 26 مايو. ص 599

 حسان بن ثابت (2016م)، ديوانه، دار الأرقم بن أبي الأرقم، بيروت ـ لبنان. 71[11]

 المبرد (1997م) الكامل في اللغة والأدب، تحقيق محمد أبوالفضل إبراهيم، ط3، دار الفكر العربي، القاهرة ـ مصر. 1/ 202 [12]

 الجوهري(1987م)، الصحاح، تحقيق أحمد عبدالغفور عطار، ط4، دار العلم للملايين، بيروت ـ لبنان. 2/647 [13]

 عفيف الحسيني (1952م)، "البريد الأدبي ـ خطوط"، مجلة الرسالة، العدد 981، 21 أبريل. ص 460[14]

 محمد الفيتوري (1952م)، "البريد الأدبي، حول خطوط"، مجلة الرسالة، العدد 986، 26 مايو. ص 599[15]

 كيلاني حسن (1951م)، "البريد الأدبي ـ حبيبتي السمراء ـ غموض"، مجلة الرسالة، العدد 949، 10 سبتمبر. ص 1046[16]

 محمد الفيتوري (1951م)، "البريد الأدبي ـ رد على تساؤل"، مجلة الرسالة، العدد 956، 29 أكتوبر. ص 1242[17]

 محمد الفيتوري (1951م)، "البريد الأدبي، ردّ على تساؤل"، مجلة الرسالة، العدد 956، 29 أكتوبر. ص 1242[18]

 محمد الفيتوري (1951)، "البريد الأدبي، ردّ على تساؤل"، مجلة الرسالة، العدد 956، 29 أكتوبر. ص 1242[19]

 كيلاني حسن (1951م)، "البريد الأدبي ـ حبيبتي السمراء ـ غموض"، مجلة الرسالة، العدد 949، 10 سبتمبر. ص 1046[20]

 صالح بيلو (1951م)، "البريد الأدبي ـ ردّ على نقد"، مجلة الرسالة، العدد 954، 15 أكتوبر. ص 1187 [21]

 محمد عبد الرحمن (1951م)، "البريد الأدبي ـ وسوسان أيضًا"، مجلة الرسالة، العدد 956، 29 أكتوبر. ص 1242[22]

 العقاد، عباس محمود، ديوان من دواوين، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، 2001م. ص 66 ـ 70[23]

 كيلاني حسن (1951م)، "البريد الأدبي ـ حبيبتي السمراء ـ غموض"، مجلة الرسالة، العدد 949، 10 سبتمبر. ص 1046[24]

 محمد الفيتوري (1951م)، "البريد الأدبي، ردّ على تساؤل"، مجلة الرسالة، العدد 956، 29 أكتوبر. ص 1242 [25]

 محمد الفيتوري (1951م)، "البريد الأدبي، ردّ على تساؤل"، مجلة الرسالة، العدد 956، 29 أكتوبر. ص 1242 [26]

 محمد الفيتوري (1951م)، "البريد الأدبي، ردّ على تساؤل"، مجلة الرسالة، العدد 956، 29 أكتوبر. ص 1242[27]

 محمد الفيتوري (1951م)، "البريد الأدبي، ردّ على تساؤل"، مجلة الرسالة، العدد 956، 29 أكتوبر. ص 1242[28]

 عبد القادر رشيد الناصري (1951م)، "الميعاد"، مجلة الرسالة، العدد 947، 27 أغسطس. ص 980[29]

 محمد الفيتوري (1951م)، "البريد الأدبي ـ بيتان"، مجلة الرسالة، العدد 956، 29 أكتوبر. ص 1242 [30]

 محمد الفيتوري (1951م)، "البريد الأدبي ـ بيتان"، مجلة الرسالة، العدد 956، 29 أكتوبر. ص 1242 [31]

 عبد القادر رشيد الناصري (1952م)، "البريد الأدبي ـ في قصيدة الفيتوري"، مجلة الرسالة، العدد 1005، 6 أكتوبر. ص 1130 [32]

 أحمد مختار عبد الحميد عمر (2008م)، معجم اللغة العربية المعاصرة، ط1، عالم الكتب. 1/ 358[33]

 محمد الفيتوري (1955م)، قضيّة الخصائص والقوميّة في الشعر، مجلة الآداب البيروتيّة ـ العدد 4، 1 أبريل، ص 346[34]

 عبد القادر رشيد الناصري (1952م)، "البريد الأدبي ـ في قصيدة الفيتوري"، مجلة الرسالة، العدد 1005، 6 أكتوبر. ص 1130 [35]

 التجاني يوسف بشير (1987م)، إشراقة، ط8، دار الجيل، بيروت ـ لبنان. ص 144[36]

 محمد الفيتوري (1947م)، "البريد الأدبي ـ تصحيح بيت"، مجلة الرسالة، العدد 737، 18 أغسطس. ص 912[37]

 محمد الفيتوري (1992م)، ديوان "شرق الشمس غرب القمر"، ط1، دار الشروق، القاهرة. ص 62[38]

 قاسم عثمان نور، أوراق سودانيّة، مركز قاسم لخدمات المكتبات، الخرطوم ـ السودان، ط1، 2007م. 1/ 128[39]

[40] سيسل دي لويس (1982م)، الصورة الشِّعريّة، ترجمة أحمد نصيف الجنابي وآخرين، دار الرشيد للنشر، منشورات وزارة الثقافة والإعلام، الجمهوريّة العراقيّة. ص 23

[41] محمود أمين العالم (1955م)، الشعر المصري الحديث، مجلة الآداب البيروتية ـ العدد 1، 1 يناير. ص 21

[42] محمد الفيتوري (1951م)، مخلوقات للظلمة، مجلة الرسالة، العدد 941 - بتاريخ: 16 – يوليو.

[43] محمد الفيتوري (1951م)، مخلوقات للظلمة، مجلة الرسالة، العدد 941 - بتاريخ: 16 – يوليو.

[44] محمد الفيتوري (1950م)، الخطيئة المجسَّمة، مجلة الرسالة، العدد 899 - بتاريخ: 25 – سبتمبر.

[45] محمد مفتاح الفيتوري (1950م)، مخلوق، مجلة الثقافة، مصر، العدد 590 ـ 17 أبريل.

[46] محمد مفتاح الفيتوري (1950م)، خلود، مجلة الثقافة، مصر، العدد 604 ـ 24 يوليو.

[47] محمد مفتاح الفيتوري (1950م)، خلود، مجلة الثقافة، مصر، العدد 604 ـ 24 يوليو.

[48] محمد مفتاح الفيتوري، جحود، مجلة الثقافة، مصر، العدد 608 ـ 1950م.

[49] محمد مفتاح الفيتوري، جحود، مجلة الثقافة، مصر، العدد 608 ـ 1950م.

[50] محمد مفتاح الفيتوري، اللب والقشور، مجلة الرسالة، العدد 934 - بتاريخ: 28 - 05 – 1951م.

[51] محمد الفيتوري (1966م)، تجربتي في الشِّعر، مجلة الآداب، لبنان، العدد 3، 1 مارس. ص 10

[52] شعبان يوسف (2015م)، محطات مجهولة من سيرة الفيتوري، أخبار الأدب 3 مارس.



Published in: Sprin Journal of Arabic-English Studies
ISSN: 2583-2859 (online)
Unique link: https://ae.sprinpub.com/sjaes/article/view/sjaes-1-3-3-140-153/